الحرب على الشعب الكوردي

جان كورد
الحرب في كوباني “طراودة كوردستان” ومن قبل في تل عران وتل حاصل وگرى سپي (تل أبيض) و سه رى كانيى (رأس العين) حرب بين الهلال والنجمة الحمراء آيديولوجياً، وهناك مقدسات لكل طرف يدافع عنها بدمائه دون تردد. وخارج البراقع السياسية عندما نسبر الأغوار فسنرى بأن الهلال يتوسط علم تركيا، العضو في حلف الناتو، الذي سماه الإسلامي الكبير أربكان “معلم أردوغان” ب”النادي المسيحي”، ولكن تركيا تريد الأخذ من الناتو دون إعطائه شيئاً… ومن البدهي أن لايحارب أصحاب الهلال الدواعش الذين يزعمون الدفاع عن عقيدة أصحاب الهلال.
الحرب في طروادة كوردستان حرب بين دولتين اقليميتين، هما إيران وتركيا، فإن تركيا التي فتحت كل أبوابها وحدودها وبنوكها للإسلاميين ليأتوا من كل حدبٍ وصوب، كانت تدرك أن بين هؤلاء إرهابيون كثر، وكانت تعرفهم بأسمائهم وملفاتهم وأهدافهم، وكانت تساعدهم ولاتزال بطريقةٍ أو أخرى لأهداف خاصةٍ بسياساتها في المنطقة. وإيران التي تحتضن تنظيماتٍ متهمةٍ بالإرهاب، ولمخابراتها سجل حافل بالاغتيالات خارج البلاد وبداخلها، والتي تعتبر من أقوى دول “محور الشر” في العالم، وتعدم كل عام مئات المعارضين السياسيين، وعلى الأخص من الشعب الكوردي والشعب البلوجي، وتدعم بالمال والسلاح والمخابرات والمقاتلين أشرس نظامٍ دكتاتوري في تاريخ سوريا، تحاول إظهار نفسها كحملٍ وديع وهي من الذئاب الفتاكة، بل تعلن أمام الملأ أنها مستعدة للتدخل عسكرياً لانقاذ “الكورد” من المذبحة في كوباني! فلماذا لاتنقذ الشعب السوري الذي يتعرّض كل يوم الى مذابح؟ لماذا لم تنقذ الفلسطينيين من التقتيل والتجويع والتعذيب في مخيم اليرموك، أم أنها عازمة على الدخول من خلال الجرح الكوردي في التحالف الدولي الذي لم تعزم اليه؟
الحرب في طروادة كوردستان ليست حرباً على الإرهاب، وإنما حرب الإرهاب المدعوم من قبل دولٍ اقليمية وأحزابٍ عنصرية وقيادات عسكرية مطرودة، بعد أن تم حل جيشهم في فترةٍ تاريخية سابقة والكثير من أبناء العشائر العربية السنية الساعية الى كسب الغنائم والتمتع بالأنفال، ومعهم آلاف من الشباب التائه في أوروبا، على الشعب الكوردي. نعم، إنها الحرب على الكوردي في أرضه، وعلى إسمه وقوميته، وثرواته وحقه في الحرية والحياة
الحرب في كوبانى هي جزء صغير من حربٍ عالمية، ولكنه مدوي كطبول اكبر الحروب في العالم، بفضل مقاومة الشعب الكوردي ومقاتليه، فهي حرب تحالف دولي لما يزيد عن خمسين دولة، ضد تنظيمٍ يملك حيوية عجيبة ويحتل أراضي واسعة من دولتين، هما سوريا والعراق، ويهاجم بشراسة مدينة كوباني التي بسقوطها سيصل هذا التنظيم الدموي الى حدود حلف الناتو. وهذا التنظيم “الدولة الإسلامية” يعتبر أخطر من تنظيم “القاعدة” الذي لايعترف بالحدود بين الدول، إلا من زواية مصلحته الحزبية واستراتيجيه القتالية
الضحية في هذه الحرب هو الشعب الكوردي، كما كان الشعب الفيتنامي ضحية الصراع الدموي الرهيب بين العالم الشيوعي والعالم الرأسمالي في القرن الماضي في جنوب شرق آسيا، وكما كان شعبنا ضحية الحروب المذهبية لقرونٍ عديدة بين العثمانيين والصفويين
في هذه الحرب غباء كبير ولكل شيء دواء سوى الغباء. الإدارة الأمريكية بكل امكاناتها المعلوماتية لم تتوقع أن يكون خطر “تنظيم الدولة” محدقاً بها الى هذه الدرجة، فأهملت الحرب السورية التي أنتجت وجذبت إليها الإرهابيين من كل فجٍ عميق، واعتقدت تركيا أنها قامت خلال العهد الأردوغاني ب”تدجين” الحركة السياسة الكوردية وتقليم أظافرالمقاتلين، وظن نظام الأسد أن التنظيمات الإرهابية “السنية” ستكون في خدمة أهدافه ولن تنقلب عليه، وسمحت إيران لعميلها العراقي نوري المالكي أن يقصي العرب السنة ويضطهدهم على اعتقاد أن رد الفعل السني لن بضعف من نفوذها في سوريا والعراق، فجاءت تلك السياسة عليهم بأشد مما هو متوقّع.. وإن أغبى الأغبياء في هذه الحرب هو من كان يعتقد بأن الشعب الكوردي ملك أبيه يتصرّف به وبشبابه وقواه حسب مايراه صحيحاً او حسب ما كان يطلب منه دولياً واقليمياً وسورياً ، وكان يضع مصلحة حلفائه من غير الكورد فوق المصالح القومية، وكان يعتبر أي علاقةٍ لأي حزبٍ كوردي آخر في المحيط الكوردستاني والاطارين الاقليمي والدولي خيانةً للشعب الكوردي، فيعتقل كوادره ويطرد أعضاءه من الأرض التي ولدوا ونشأوا عليها وناضلوا في سبيلها، ومنع المقاتلين الكورد من العودة الى سوريا بعد ان تلقوا تدريباتهم لدى إخوتهم في جنوب كوردستان، وعندما ضاق الخناق عليه راح يتوسل ويطالب الكورد جميعاً بما فيهم الذين طردهم ومنع مقاتليهم من الدخول الى سوريا، بل طلع على الاعلام ليقول بكل صفاقة؛ إن السادة في أنقرة التي شتم من يزورها من الكورد لاترّد على نداءات الاستغاثة التي يطلقها صوب تركيا، وراح يتوسل أمريكا “العدو الامبريالي” في نظره أن تساند قواته المحاصرة بقوة نيرانية أكبر
فقط موقفه من إخوته في جنوب كوردستان لايتغير، فهم خونة وعملاء وجهلة وأعداء
فهل هناك غباء أكبر من هذا ياكردو؟
تعالوا ننتحر ونخلص من هكذا أغبياء يسيطرون على كل ما لنا من مساحةٍ ينمو فيها حس وطني سليم