آراء

الدورة التاسعة للجنة الدستورية ضحية الصراع الروسي الأوروبي .

موسى موسى

استلم الرئيس المشترك للجنة الدستورية المسمّى من هيئة التفاوض رسالةً من المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون تفيد بتأجيل انعقاد الدورة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية والتي كان مقرّراً انعقادها في /٢٥/ تموز ٢٠٢٢، حيث ذكر المبعوث الأممي السيد غير بيدرسون أنه ” تمّ إخطاره من قبل السيد أحمد الكزبري الرئيس المشترك للجنة الدستورية المسمّى من الحكومة السورية” أنّ وفده سيكون مستعداً للمشاركة في الدورة التاسعة فقط عندما تتمّ تلبية الطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي”.

بدايةً من الدورة الأولى لاجتماعات اللجنة الدستورية في /٣٠ تشرين الأول ٢٠١٩/ وعبر منصة موسكو، طالب ممثلها في كلمته بنقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق مع توفير الضمانات الأممية اللازمة للأعضاء، حيث ورد في كلمته “… إنّ اللجنة الدستورية قد انطلقت هنا من جنيف ، ولكن دستور سورية يجب أن يُكتب في دمشق، وبما أنّ القواعد الإجرائية المتفق عليها تتضمّن في فقرتها الرابعة تأمين أعضاء اللجنة الدستورية وعائلاتهم والخ…، فلا أظنّ أنّ هناك مانعاً من أن يكون اجتماعنا القادم في دمشق، بل أعتقد من الضرورة بمكانٍ أن يكون الاجتماع القادم في دمشق “.

وكانت نتيجة كلمته تلك إسقاط عضويته من هيئة التفاوض ومن اللجنة الدستورية ومطالبة المنصة بتبديله.

روسياً، تمّ اقتراح نقل اجتماعات اللجنة من جنيف إلى مكانٍ آخر علناً، إبان الحرب الروسية الأوكرانية، جاء ذلك على لسان مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرانتييف، عقب انتهاء الجولة/١٨/ من مسار أستانا في ١٨ حزيران ٢٠٢٢، حيث أعطى للموضوع طابعاً سياسياً في ظلّ العقوبات السويسرية ضد روسيا في حربها مع أوكرانيا.

وجدير بالذكر أنّ مؤتمر ڤيينا عام ١٨١٥ جعلت سويسرا على الحياد الأبدي، كما وحدّدت اتفاقية لاهاي ١٩٠٧ حياد سويسرا قانوناً، ويمنع لها إرسال أسلحة إلى دولٍ في حالة حرب، وإضافة إلى اتفاقية لاهاي ١٩٠٧ يؤكّد ذلك أيضاً القانون السويسري.

ورغم الحياد الدائم لسويسرا إلا أنها تبنّت جميع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الأفراد والكيانات الروسية بما في ذلك تجميد ثرواتهم في البنوك السويسرية، إلا أنّ إرسال الأسلحة إلى أوكرايينا غير وارد لحياديتها، ولهذا رفضت طلباً ألمانياً للسماح لها بتصدير ذخيرة سويسرية الصنع للدبابات التي ترسلها برلين إلى كييف.

كما و ضمّت العقوبات السويسرية على روسيا فرض الحظر على دخول الأشخاص القريبين من الرئيس پوتين، إضافةً الى إعلانها عن تعليق جزئي لاتفاقية ٢٠٠٩ الخاصة بتسهيل منح التأشيرات للروس؛ وفي هذا الصدد كان سلوك السلطات السويسرية مع المبعوث الروسي ألكسندر لافرانتييف على أنه شخص عادي وليس دبلوماسياً رفيعاً في إجراءات الحصول على”فيزا” سويسرية وأسلوب التفتيش في مطار جنيف أسلوباً و سلوكاً وتعاملاً مختلفاً عما سبقه، مما جعلت موسكو تفكّر جدياً بأنّ سويسرا لم تعد بلداً محايداً ولا يليق أن تجري محادثات ومفاوضات دولية في دولةٍ فقدت حيادها، لذلك تفكّر روسيا بنقل مكان انعقاد اللجنة الدستورية السورية إلى أماكن أخرى مثل أبو ظبي أو مسقط. أو الجزائر.

وأخطر ما في الأمر هو العقوبات الأممية على روسيا المتمثّل في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتخذ في نيسان ٢٠٢٢ الذي يقضي بتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رغم عضويتها الدائمة لمجلس الأمن، وهذه سابقة خطيرة في العلاقات الدولية كعقوبةٍ أممية على عضو في مجلس الأمن الدولي.

روسيا ترى القوات الأجنبية على الأرض السورية قوات غير شرعية باستثنائها،على ضوء دعوتها من الحكومة الشرعية، وعلى ذلك ترى ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية من سوريا، وعليها وبموجب معاهدات الصداقة والدفاع والتعاون مع سوريا الدفاع عن النظام السوري، ويتيح لها ذلك، لذلك يتوحّد لسان حال روسيا والنظام معاً، وبناءً عليه وضع الرئيس المشترك للجنة الدستورية احمد الكزبري المسمّى من الحكومة شروط حضور وفده للدورة التاسعة بتنفيذ الطلبات الروسية، وروسيا هي صاحبة مبادرة و راعية مسار أستانا ومؤتمر سوتشي المنبثق عنه اللجنة الدستورية السورية التي تشكّلت بقرارٍ وتيسيرٍ من الأمم المتحدة، ولها سلطة ونفوذ قوي على مفاصل النظام السوري الذي بدوره يحرّك مسار جنيف حسب رغبته دون أي رادع إقليمي ودولي مستفيداً من عدم إلزامية قرار مجلس الأمن الدولي/٢٢٥٤/ ، لذلك يماطل في مسيرة مسار اللجنة الدستورية، ويماطل مستفيداً من تمرير الوقت و عرقلته لإحراز أي تقدم، دون أن يكون بمقدور المجتمع الدولي الضغط عليه باستثناء روسيا التي تحرّكه لحضور اجتماعات اللجنة أو تأخيرها أو تأجيلها، غير آبهةٍ بمصلحة سوريا وشعبها بقدر ما يعمل النظام على تنفيذ أجندات الدول في هذا المسار، كما أشار إليه البيان الصحفي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في 19-7-2022

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 300

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى