آراء

الشمال السوري في ظلّ التهديد التركي بالعملية العسكرية البرية

كلمة هيئة تحرير جريدة يكيتي

بقلم إسماعيل رشيد

 

إنّ الشمال السوري وبقية المناطق المجاورة للحدود التركية – السورية عرضة للتهديدات والمخاطر، حيث أنّ تركيا تقول بأنّ هناك تواجد لكوادر حزب العمال الكُردستاني PKK ، وتتحكم بمفاصل إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ، بالإضافة لصراع النفوذ والمقايضات على الأرض السورية .

لقد أعلنت تركيا في أكثر من مناسبة أنها لن تسمح لهذه المجموعات التي تقول عنها بأنها إرهابية، أن تهدّد أمنها القومي، بالمقابل تركيا تتهم واشنطن بعدم وفائها بوعودها والتفاهمات التي حصلت بينهما سنة 2019 بخصوص إبعاد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن حدودها وإيقاف الدعم لها ، ففي شهر يونيو الجاري تعهّد الرئيس التركي أمام برلمانه بشنّ عمليةٍ عسكرية على منبج وتل رفعت ؛ لما لهما من أهمية جيوسياسية ، فمنبج المنطقة الوحيدة التي تسيطر عليها قسد في غربي الفرات ، وتل رفعت هي البلدة الوحيدة التي تشكّل نقطة الاتصال مع عفرين والتي تسيطر عليها قسد أيضاً ، ولكنّ هذا التعهد والتهديد التركي تمّ تأجيله بعد أن حذّرت أمريكا من تداعيات خطيرة للهجوم ، ويبدو أنّ الحرب الروسية- الأوكرانية قد خلطت الكثير من الأوراق والمعطيات ، وهي مادفعت بتركيا لاستثمار قمة مدريد الأخيرة لأخذ الموافقة المبدئية لشنّ هجومٍ عسكري على طول حدودها الجنوبية وتغاضي أمريكا وروسيا عن هذه الهجمات مقابل تسهيل انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، وهي مسألة مهمة للناتو عندما تنتشر قواتها على مسافة1300كم مع روسيا .

إنّ هذه العملية العسكرية الجوية لتركيا يبدو أنّ أهدافها كانت محدودة ، فاستهدفت مواقع عسكرية لقسد والحقول النفطية الواقعة تحت نفوذ أمريكا والتي كانت خطاً أحمر وخارج نطاق مسرح الهجمات حتى بالوقت القريب بالإضافة لاستهداف البنى التحتية وسقوط ضحايا ، وهذه رسالة مهمة بأنّ أمريكا بدأت تتجاوب مع الضغوط التركية لتجفيف منابع دعم قسد وإضعاف دور كوادر pkk خاصةً بعد فشل الوساطة( الأمريكية- الفرنسية – البريطانية ) لإقناع قسد حول التفاهمات التركية – الأمريكية ، مقابل وقف الحملة العسكرية، ومن هنا فإنّ تفجير اسطنبول الأخير واتهام تركيا بضلوع PKK فيها قد زاد المشهد تعقيداً وخطورةً.

إنّ هذه العملية العسكرية الجوية لتركيا تأتي في وقتٍ يتعرّض فيه حزب العدالة والتنمية لضغوط كبيرة من المعارضة وخاصةً مايتعلّق بتدهور الليرة التركية وملف اللاجئين السوريين وبالتالي التمهيد قدماً لتنفيذ وعود اردوغان – القديمة- الجديدة حول إنشاء المنطقة الآمنة .

من جهةٍ أخرى فإنّ روسيا ما يهمّها هو إضعاف قسد؛ وبالتالي مباركة تحالف النظام وقسد وبالتالي عودة النظام للمنطقة ، وروسيا لن تصطدم ميدانياً مع تركيا لأسباب اقتصادية، ودور تركيا غير المزعج لروسيا في حربها مع أوكرانيا ، بالإضافة للحفاظ على مسار أستانة حول الأزمة السورية .

هناك تفاهم أمريكي – روسي حول إبعاد قسد لمسافة 32 كم عن حدود تركيا الجنوبية، وروسيا تعلن خيارها صراحةً لعودة النظام للمنطقة ، ولكن الغموض في الموقف الأمريكي حول البديل .

الوضع السوري بشكلٍ عام معرّض للمخاطر والتهديدات في ظلّ غياب الجدية لدى المجتمع الدولي لوضع النهاية لمأساة السوريين، وباتت الحرب الروسية- الأوكرانية تتصدّر اهتمامات العالم، وهذه لها تداعيات سلبية على المشهد السوري عامةً، ناهيكم عن أجندات الانتخابات التركية المقبلة والتي تلقي بظلالها على المشهد السوري ، ومن هنا يتطلّب من المجلس الوطني الكُردي ،كونه متواجد في المحافل الدولية حول العملية السياسية في سوريا، إضافةً لكافة الفعاليات الكُردية ، أن تتحمّل مسؤولياتها و تزيد من رصّ صفوفها لطرح البديل المناسب بالتنسيق والتوافق والمشاركة مع بقية مكونات المنطقة وأطرها .

المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد 304

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى