الضروره الإنسانية للانتقال السياسي في سوريا

حسن سعدون

نعلم جميعاً أنّ الشعب السوري خرج بكلّ مكوناته وشخصياته الوطنية متاثراً

بربيع الثورات في بقية البلدان ، علماً أنّ هذا الربيع بذرت بذوره بعد عام 2000

في العاصمة السورية دمشق حيث بدات منتديات ربيع دمشق التي انقضّ عليها

النظام ، إذ أودع السجن عشرة الأوائل من نشطائها

لابدّ أن نحدّد أنّ فن العمل السياسي لايقبل قطعاً أن يكون معزولاً عن قيم البشر وحقوقهم في العيش الكريم الحرّ والآمن في أوطانٍ تمارس فيها الحرية والحياة

تحت سقف قانونٍ عادل حضاري يقدّس قيمة الحرية الفردية وأهمية السلام لبقاء الجنس البشري على الأرض .

البنية الفكرية لأنظمة الاستبداد والعبودية وتعظيم الفرد أخذت أبعاداً وشكّلت ممارسة لا إنسانية ولا أخلاقية في ممارسة وإنتاج جيوش ما بعدالاستقلال

إذ أفرزت طبقة منها أخذت السلطه بالقوة ومارست سلطتها ونزواتها بعيداً عن

أي قوننةٍ أو حوكمةٍ أو احترامٍ لمشاعر الناس على اختلاف مشاربهم وتكويناتهم

وغابت العناية بالشأن العام، وحرم الناس من التنمية والثقافة وانحصرت كلّها في فكرة القائد الرمز والقائد الوطن والخ

ترافق هذا مع كون هؤلاء اللذين انتسبوا للجيش قدموا من بيئاتٍ فقيرة، وكان الجيش هو سبيل العيش فأفسدتهم السلطة التي حصلوا عليها، فقط لأنهم ضبّاط وتسلّط العسكر على المدنيين ،وباتوا يمتلكون قرار البلد السياسي ومقدراته الاقتصادية، وتعاضدوا كعصابةٍ ، ومن يعترض يسجن ويغيب، وغطّوا سلطتهم أنهم والبلد في مقارعة الامبريالية والرجعية، تلك الشعارات التي دفع ومازال يدفع ثمنها الأبرياء البسطاء .

على يد تلك الأنظمة الشمولية الاستبدادية التي يشكّل استمرارها عاراً على العالم الحرّ وبني البشر ومحبّي السلام .

1

في سوريا بعد عام 2011

كلّكم يعرف ما جرى ويجري رئيس جيش أجهزة أمن عصابات احتلالات قوات أحنبية على الأرض جميعها تقتل السوريين الأبرياء ,,,,,,

حدث كلّ ذلك لأنّ النظام لم يكن مؤهّلاً أخلاقياً وإنسانياً للقيام بدوره في حماية

الشعب وحدود البلد، بل رهنَ البلد لمَن هبّ ودبّ فقط ليظلّ في كرسي الحكم ومقولة: الأسد أو نحرق البلد,,طبعاً أحرقوا البلد ويستمرّون في إحراق ما تبقّى لأنّ الأسد

يعتبر أنّ ملايين السوريين هم إرهابيون ، وأنه يحاربهم ليخلّص العالم منهم ، وليظلّ

مجتمعه متجانساً، هذه النظرة العنصرية التي تعتقد بالتميز والانعزال علماً أنّ قيمة المجتمعات الحية هي في تنوعها الثقافي والديني والقومي والاجتماعي.

قُتِل السوريون بكلّ أنواع الأسلحة من قبل النظام وبدعمٍ مباشر من روسيا وايران.

كسوريين نعلم أنّ داعش من إنتاج النظام وايران ، ونعلم منذ التواجد الأمريكي في العراق ما هو الدور الذي لعبه النظام في تدريب وتطويع الشباب السوريين وإرسالهم إلى العراق ، ونعوش هؤلاء الجنود الأمريكيين اللذين قُتلوا هناك كان حصيلة تخطيط وتنفيذ نظام الأسد الذي سهّل للفصائل الإسلامية العمل بعد الثورة فقط كي يقول إنه إرهاب إسلامي وأنا أقاتله مستغلاً ما أشاعه تنظيم القاعدة في العالم بعد أبراج 2011

من خراب وخلل في العلاقات الدولية وفي القاع الاجتماعي.

تعلمون أنّ السياسة بشقها الفني ومحتواها الأخلاقي تعمل على هدف تغيير بنية العقل والسلوكات اليومية نحو قيم العدل والخير والمساواة والسلام، هذه السياسة كانت معدومة بل ممنوعة لمدة 50 عام في سوريا في حكم الأب ووريثه،

لأنّ أيّ كلامٍ خارج عن الطاعة ، أنت تودع السجن وتحاكم بتهمة مهاجمة الدستور والنيل من هيبة الدولة، والآن تطوّر المفهوم أنت إرهابي، أنت إسلامي

وبهذه البساطة ضلّل هذا النظام العالم علماً أنّ العالم أجمع يعلم أنه حامي الإرهاب وحاضنه ومسيّره .

لم تستطع الثورة السورية أن تنتج قيادة تتنبه لذلك بل تمّ إنتاج هيئات لقيادة الثورة،

كانت في شخوصها وبرنامجها من إنتاج ورعاية دول إقليمية، وبالتالي لم يستطع الائتلاف ولا لجان التفاوض ولا المنصات المختلفة من الاتفاق على مشروع ورأي عامٌ موحد وعقد اجتماعي وسياسي بينها يقطع كلياً مع نظام العصابة بل بدأ مسلسل التنازلات والمفاوضات العبثية، ليكسب النظام وروسيا الوقت وتتراجع الثورة بفعل الزخم والدعم الروسي والايراني للنظام، والذي مازال يمنعه من السقوط، عطّل الروسي الانتقال السياسي وحوّله إلى تفاصيل صغيرة والآن هو يخترق تشكيلات المعارضة للتطبيع مع النظام بحجج واهية وغير مقبولة

2

المطلوب من محبّي الحرية والسلام في هذا الكون الرائع الجميل الوقوف إلى جانب السوريين وسوريا كي تتنفّس الحرية والاستقلال والعدالة المنشودة لسوريا وطناً لكلّ السوريين

من مسؤولية أمريكا والاتحاد الأوربي وبريطانيا العمل على تنفيذ خارطة طريق تنتقل بسوريا إلى مرحلة الانتقال السياسي بحكومةٍ كاملة الصلاحيات

إن لم يتمّ اعتماد خارطة طريق فلا مبرر لاستمرار التدخل في الشأن السوري ولا في التواجد على الأرض هناك لأنه وبكلّ بساطة روسيا كما أسلفنا هي الدولة التي تفتقد لحقوق الإنسان، هي مَن وضعت يدها الآن على مقدرات سوريا من نفط وغاز وموقع استراتيجي وهي ترتّب للنظام ترميم وإقناع الحاشية بل الرعية من أجل سوريا وحميع السوريين وحفاظاً على السير قدماً في تثبيت قيم البشرية في السلام وشرعة حقوق الانسان يمكن اعتماد الإجراءات والنقاط التالية كخارطة طريق للانتقال السياسي في سوريا

إجراءات خارطة طريق للانتقال السياسي في سوريا

1*قرار من مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع يقضي بانتقال سياسي وقيام هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات برعاية أممية وبوجود قوات سلام دولية في كل المناطق السورية تراقب وقف الحرب وخروج المسلحين الأجانب وحلّ الميليشيات المسلحة تحت أي اسم وردت وتشكيل شرطةمدنية

2*اختيار هيئة رئاسة من 5 أفراد سوريين ,

3*تعمل الهيئة وفق مبادىء دستورية مدة عملها سنتان ا

4*تعطل الهيئة جميع المراسيم والقررات التي صدرت بعد عام 2011والتي سبّبت ضرراً للشان العام والناس ويحلّ البرلمان وتلغى قيادة البعث للدولة والمجتمع

5*تدعو الهيئة لمؤتمر وطني سوري شامل يمثّل جميع المكونات والأطياف

والشخصيات الوطنية والمرأة والشباب وينتخب 250 عضو كمجلس وطني سوري برلمان مدته سنتان ينجز مشروع دستور دائم وقانون انتخاب عصري

6*تشكيل مجلس قضاء أعلى ومحكمة دستورية عليا تشرف على انتخاب البرلمان

7*تشكيل مجلس عسكري وأمني يعيد بناء الجيش ولا يتدخل الجيش في السياسة

8*إلغاء محاكم أمن الدولة والإرهاب وإطلاق سراح سجناء الراي وتعويضهم بعدال

9*حرية تشكيل الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني والالتزام بشرعة حقوق الانسان

3

10*عرض الدستور الجديد على الاستفتاء العام في النصف الأخير من المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية دورتها 4 سنوات ويذلك وخلال المرحلة الانتقالية يكون قد تمّ إعادة المهجّرين والااجئين إلى بيوتهم قبل عام 2011 وإزالة كلّ تعدي أو تغيير ديمغرافي تمّ بفعل الحرب وقوة السلاح لابدّ أن بسود السلام والعيش المشترك بين السوريين بفضل مساعدة الدول التي تحترم الحرية وحقوق البشر في الحياة والعمل والتفكير

إنه عصر الأنوار والحرية والسلام وليس عصر التعصب والتطرف وقتل الحياة

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد 297