• القطيع وأسطرة القائد •
وليد حاج عبدالقادر / دبي.
في علم النفس هناك ظاهرة تُعرف ب – اضطراب الشخصية الانفصالية – ومن أبرز أعراضها التي تتّضح بعدم اعتراف المريض المبتلي به بالواقع خارج مربعه وتقوقعه الفكري ، وفي السياسة يُقال عنها – أوثوريتاريان ـ وقد تتقوقع على شكل نظام استبدادي فينصب نفسه على قمة الحكم ويعتلي أعلى المنصات ويفرض آليات التحكم في الجماهير بتجميد عقولهم ، وفي الميديا يسمى بالبروباغندا الشمولية التي لاترى شيئاً سوى تغييب العقل عبر التسويق الإيديولوجي لنمطه فحسب وما دونه فليصمت أو يخرس أو ! والألطف في الملافظ والتهم ( هو خائن ، جبان ، مندس ، لا وطني والسلسلة تتواصل … ) وكلّ هذه المأثورات نقلاً وبتصرف واختزال من مقالة للسيدة أمينة الخيري ـ الحياة ـ ( للأسف لا اتذكر العدد أو التاريخ ) .
وفي عودةٍ إلى الغاية المرادة من هذا الموضوع ، والذي يتطلّب وبسلاسةٍ المرور بالنزعة الهرمية ، ومعها طرائق ومنهجية فرض إنتاج مثل هكذا أنماط ، ومن أولوياتها التركيز على إيجاد – إنتاج زعامة قطيعية ، وبجدل ترتكز بداهة على المؤشرات التي تصنع – تضع المتزعم على خطوط مثالية وبمبادئ قيمية متداولة تُستقى من المحيط وتُبنى إن على ركاكة الموجود أو هامشيتها ، والأهم تراكم الفشل الآني ومن ثم تسلل المستجد إليها والبناء عليها نقدا فظيعاً وبشموليةٍ تتجاوز حتى قانون نفي النفي ، ومن جديد في هذه الحالة ، ستبقى كلّ الطاقات المتوفرة وباقصى إمكاناتها تُبذل حول القائد – الأسطورة ، والتي ( كما أثبتت التجارب ) تعتمد في الأساس على متلازمة الخضوع رعباً ، والتي أضحت واحدة من أهم أدوات المتزعم في ترتيب وإعادة إنتاج قطيعٍ مثالي يُقاد بالعنف ، هذا الرهاب البيني ينمّيه – المتزعم – حوله وكسلاحٍ بأداة تنفيذية – طوق /يطوّق بها كلّ مَن يرى فيه بديلاً محتملاً ، وبمعوقاتٍ قد تبتدئ بالشخصية منها ومن ثم الفكرية والتنظيرية وإن تباطأت النجاعة فحينها ستكون عملية اغتيال باستهداف صريح وواضح ، وببساطة شديدة : إنّ الاستغباء السياسي الذي تراكم كظاهرةٍ سواءً كنتاجٍ للنظم والأعداء ، او كضعفٍ أو نقصٍ معرفي أو تجاربي ! والذي هو أيضاً قد تكون في الأصل انعكاس تطبيقي / عملي لممارسات بعضنا !
وعلى أرضيتها تأسّست هالات الرعب المترافقة بأشكالٍ من التطبيع القطيعي الممنهج ، حيث تنقاد الجموع كلها وبمرياعيةٍ منضبطة وكقطعانٍ مفزوعة وبرهبةٍ تنعكس بشدةٍ على الوجوه المتعبة الخائفة والتي يتلقّطها – الزعيم طور التأشكل – كإفرازٍ عملي للتركيبة التي حوط هو نفسه بها ، وكمحصلةٍ فلا غرو إنّ تلكم المجاميع التي تشكّلت أساساً ورُوّضت في تلك الأجواء أن تكون شعارها : تقبلون .. أو .. فأنتم من الذي يجني على ذاته .
إنّ من أكبر مصائب هؤلاء المؤدلجين هو أنهم مثل أصحاب العصائب الخاصة – والذي أجزم – بأننا لو أخذنا بيد أيّ واحدٍ فيهم ومن أية بقعةٍ في أقاصي ـ تورابورا بأفغانستان – إلى أقاصي غربي الكرة الأرضية ، ومررناهم إلى حيث ساحة رابعة العدوية في مصر بزمن الأخوان ، سنجد كما رأينا حينها بعضاً ممن ظنّّ – ولم يزالوا – بأنّه يتطلّب منهم كواجبٍ أن يهدّموا الإهرامات مثلما فعلوا بتمثال بوذا في ـ باميان ـ بأفغانستان ، وذلك كتجلٍّ لنزعة المستأثر بالذات والمؤمن بمطلقية الجماعة أو الأنصار ، وما دونهم ـ لربما هم حشرات ـ وإن ارتقت فيهم ملافظهم فهم مارقون وخونة لا يستاهلون سوى غرف مظلمة توصد عليهم بالقضبان ، أو كتيبة مدرّبة من المقنّعين تبرع القنص في ساحات الإعدام رمياً بالرصاص .
وبالمحصلة : هناك شيئان يفقدان الحزب – أي حزب – كان بريقه ووهجه ، هذا إذا كان في الأصل قد بقي أو كان فيه بقايا من وهج !! والأمران هما : السلطة و البعد عن المحور / المركز أو الأساس الذي بُني وتأسّس عليه الحزب ، والمصيبة الكبرى تكمن في استبدال – تغيير – شطب المركز أو القضية الأساس بمحورٍ متحول ، وعادةً المحور يكون فتّال وشبه دائري ، وهنا شاؤوا أم أبوا ستودّي بهم الأمور إلى دوّامات الذبذبة والارتباك و من ثم التوهان ، والعودة إلى الدوران في نطاقية مراوح طواحين الهواء ،والتي بدورها ستذكّرنا بدون كيشوت سرفانتس وبطولات أميره المقدام ، وسأختزل وبتكثيفٍ : أفلا يلاحظ المراييع بقطعانهم التباعد المتسلسل عن المركز والهدف الأساس المعلن افتراضاً ؟ وهنا أحدّد في الخاصية الكُردية ؟! و .. سأسمح لنفسي وبمخياليةٍ أن أتصوّر على أنّ قضيتنا وجٍدت لهدف تأمين حقوق الشعب الكُردي وعلى أرضية أنّ أيّ شيءٍ فيها لم يتغيّر ؟! . ولكن ؟ أفلا نستدرك أو نستوعب المتغيرات الفكرية والمطلبية ، وهيمنة التنظير بضوضائها وضجيجها وكفوتوشوب لا مرئي يذكّرنا بمقولات الخمسينيات وما بعدها ( أنا لا أفهم ذلك ولكنني أثق بالشيخ أو الآغا ) وعليه أفلا يحقّ لنا وكمجرد تأمل أن نستدرك وإن ببطئٍ معطيات عصرنا ؟ . إنّ ما تسرّب وما بات منه مكشوف وواضح ، وبخاصية سياسة إعادة التدوير والتفريغ الممنهج للكٌرد من مناطقهم ( كمثال ) وبعد فشلها الذريع أواسط الستينيات أخذت تؤتى ثمارها الآن ، وما لم يفهمها مهندسو التصاميم ! أن القادم سينسف لهم كثير مما شطبوا عليها كتنفيذ محتم و .. مؤبد .
إنّ الركائز عندما تتحول إلى عكائز تٌستخدم فقط حين اللزوم أو المباهاة ، هي في الواقع ذات المواقف التي يتعامل بها بعض من القيادات المصمّمة أن تبقى تحت الأضواء من جهة وانسجاماً مع التكلّس الذهني وفي ذات نطاقية الجمود العقائدي المزنر والمثقلة أيضاً تحت وطأة هيمنة القائد المبجّل حيث يتعامل – هذا القائد – مع الجموع كخراف – مزغللة – أو بذاكرة وذكاء السمك ، فينتشي بالعبارات التي يطلقها لتهيبج وقتي تتناسب بالضبط مع الواقع المسرحي المتوائم إن مع الصالات المغلقة أو حتى الساحة المحوطة وقد لغمت بالأفكار والطروحات المسمومة غير القابلة للتطبيق حتى في أية يوتوبيا أو مدينة فاضلة حتى لو ارتقت إلى جمهورية أفلاطون بنسختها البراديغمية … وكنموذجٍ تطبيقي لو عدنا إلى مقال لآلدار خليل أواخر الشهر السابع سنة 2018 وتتبعنا أهم ما جاء فيه ، بعد احتلال عفرين من قبل تركيا ، وقارناه مع استقراءاته المبتكرة والمخلوطة بسلطة براديغما منوّمة منذ صياغته لما سمّوه بمقال والحقائق – النتائج المتتالية حسب مخياله الافتراضي ومن جديد براديغميا ! فلنقرأ بعض من تحاليله :
– هناك تناقضات بين روسيا وتركيا وإنّ تازيمها في ادلب إلى درجة الصدام سيضعف تركيا .
– تتحمّل تركيا، ورهان المعارضة عليها ، الفشل في استقطاب الحل أو السلم وبالتالي تسلّم الحكم
– النتائج الميدانية على الأرض أكثر أهمية وذلك بتقدم القوى الديمقراطية ( ؟! ) في تضييق الخناق على جيوب الإرهاب والعيون على ادلب اليوم حيث أصبحت الملاذ للمرتزقة ويتواجد فيها معظم الفصائل والقوى المدعومة من تركيا .
– التوتر القادم في ادلب سيكون عاملاً مساعداً من أجل الحدّ من الدور التركي .. حيث أمام مقاومة شعبنا ونضاله من أجل تحرير عفرين ( ؟! ) .. ستساهم المرحلة القادمة والمتغيرات في دعم موقف شعبنا
– نحن لانراهن على تطور بعض الأمور ونصادر في المواقف سواءً من أجل تحرير عفرين أم من أجل تحقيق مشروعنا في الحل الديمقراطي وفق أسسٍ تحقّق حل القضية الكٌردية في سوريا وتدعم التطور نحو التغيير في عموم سوريا لكن ننظر إلى التحولات والمتغيرات بأنها تهيئ الظروف لتسريع خطواتنا – مني !
كما النظام والقهقرى في القضية المركزية التي أشعلت حروباً متعددة و .. استبدال القضية المركزية تلك باستعادة الجولان المحتل كمقايضة وبديل رئيس عن القضية الفلسطينية –
– التفاهم الروسي – التركي في خطرٍ في حال توجه المعركة نحو ادلب حيث الثقل التركي والمتمثل بالمجموعات الإرهابية المسلحة وخاصةً الوجه البديل لتركيا في سوريا من قبيل الجيش التركمنستاني ومجموعات خراسان بالإضافة لفصائل أخرى قد يؤدّي إلى حصول نوع من التصادم أو تطور الخلافات بين روسيا وتركيا
– التصادم في ادلب .. لن تستطيع تركيا الحفاظ على مناطق احتلاله في سوريا وبشكلٍ مباشر في عفرين
– لا نرى أننا بعيدون عن أن نكون طرفا أكثر تأثيراً في إدلب من خلال دعمنا لاجتثاث الإرهاب هناك والمساهمة في الحد من الدور التركي وإفشال مخططات إردوغان . ( ومن جديد مني : أفلا يلاحظ هنا ذات الرهان ولكن بالمقامرة في قضية الشعب الكُردي وكغاية أساس يتمثّل في استدراج تركيا إلى مناطقنا ومن ثم إضعافه لإخراجه ؟ . ) .
وسأضيف هنا أنموذجا آخر في التعاطي الاستراتيجي ! و .. لغاية تدمير القضية الكُردية : القيادي في حزب العمال الكُُردستاني رضا آلتون الوصي الآيدولوجستراتيجيك ، والذي يرى في مصطلح فدرالية “روج آفا” خاطئ لكونه مصطلح قومي ! ويجب إلغاءه . والأصح – حسب رأيه الجازم – أن نسميها بفدرالية شمالي سوريا . وأنّ مدينة قامشلو يعيش فيها مكونات مختلفة عدا عن الأكراد من ( عرب , أشور , سريان ) , ولهذا السبب لا نستطيع أن نقول عنها بأنها مدينة كُردية . ( 1/8/ 2016 نقلاً عن صفحة الصديق مروان حمكو ) .
هذه الأمور التي ستدفعنا للعودة من جديد أيضاً إلى أهم البنود التي ضمنها اتفاق أضنة الأمني بين حافظ أسد والحكومة التركية وبوساطةٍ مباشرة من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك حيث كانت تلك المادة التي حوت إضافةً الى إغلاق كلّ معسكرات حزب العمال و : ضمان أمن حدود تركيا ومنع أي اختراقٍ امني أو القيام بعملياتٍ عسكرية عبرها كما وتمرير الأسلحة والمساعدات وووو لثوار حزب العمال الكُردستاني . أفلا تذكّرنا تلك النقاط بلامية السيد ريدور خليل قائد وحدات الحماية الشعبية السابق والذي أكّد في واحدةٍ من تصريحاته بعد استلامهم المنطقة بأنه خلال الأربع سنوات الماضية كانت الحدود مع تركيا مضبوطة و هم لن يسمحوا باختراق حدود تركيا أو القيام بأيّ عملٍ عسكري ضد تركيا !! وهنا ؟ أو ليس من حقنا استذكار موقف حافظ وابنه بشار الأسد من العمليات الفدائية الفلسطينية عبر حدوده ودفعه دفعا صوب لبنان ؟! وبالمقابل : ما يحدث الآن من محاولات بائسة من قبل منظومة آلتون في جرجرة إقليم كُردستان لتصبح لبنان ثانية والاستقطاعات الاحتلالية التركية لبقاعنا ؟ وعليه أفلا يحقّ لنا طرح السؤال التالي : إن كانوا يرون في تركيا الأردوغانية وجونتاه العسكرية ألد أعدائهم فلماذا يحمون مؤخرته ب ( الجمنتو والباطون ) ويعيبون على مَن يطالب وبنعومة وود احترام سيادة مناطقه لطالما هم طوبوا المناطق الأخرى بدمغة المختار ؟!! . وكمقاربة بسيطة في المنطق المتوارث لتراكبية هذه المجموعة الراديكالية بمختلف أدلجاتها ، دعونا نقرأ ما قاله ( .. حسن نصرالله أمين عام حزب الله حسب موقع بابل ٢٤ .كوم حيث هدّد .. الاكراد من محاولات التقسيم في المنطقة وتغيير الخارطة الجغرافية متهماً اياهم بتنفيذ مخططات صهيونية خطيرة .
– نصرالله حذّر في استقباله المساعد الخاص لرئيس البرلمان الايراني حسن أمير عبداللهيان : انّ محاولات التقسيم وتغيير الخارطة الجغرافية في المنطقة والعالم الإسلامي من المؤامرات الخطيرة التي تساعد فقط في تحقيق اهداف الأعداء .
3/8/2017 .. ) .
وسأختتم هنا بتساؤلٍ بسيط قد يبدو لبعضهم ولكنه يختزل وبكثافةٍ الكم الهائل من التناقض التعريفي ببديهياتٍ كثيرة وبعناوين مفصلية بارزة ، بالرغم من إدراكي الكامل بأنّ هذا السؤال سيعيدني إلى أول السطر ! ومع هذا : ساستمرّ في تتبعي لسياقية السؤال ؟ لماذا يرفض حزب العمال الكُردستاني وجود أية قوةٍ عسكرية غيرها في كُردستان تركيا ؟ بينما تسعى لا إلى وجود قوات لها بل احتكار الوجود لقواتها فقط في الأجزاء الأخرى ؟ . هذه الكلمات هي مجرد تساؤلات من وحي الثوابت المتحوّلة في ابداعات القائد الأعظم وتباشير شروحات التابعين للتابعين عن البراديغما كأساس لأفلاطونية جديدة ولكن : قبل شرح كلماتها سترمى في دهاليز النبذ تحت بند قانون الارتقاء مدعومة بنبذ نفويي لنفيٍ متتالٍ سابق ولاحق ولكن : بيقظة ودقة تتابع لجرس / أجراس المراييع ..