لقاءات وحوارات

حوار مفتوح مع الأكادبمي والكاتب آفشين غلامي – كُردستان إيران

في الحقيقة سيكون واضحاً لأي متتبعٍ لشؤون العالم، وخاصةً في الشرق الأوسط وكبدايةٍ لابد من استذكار مئوية لوزان ، والتي هي في حد ذاتها – المئوية – تذكير مجدداً بالفترة التي كانت قد تقررت لإعادة النظر بمخرجاتها ، والملاحظ هنا بأنّ ما مجريات الأحداث وما يمارس عملياً في وعلى خرائط المنطقة توضّح اليوم بأنّ المنطقة تتجه نحو متغيرات كبيرة، وعليه فإنّ سؤالنا هو وكبانوراما سيتركز على الإنكشاف الفظيع مؤخراً وأحداثها الفجائعية في مسلسل ما يسمى بحرب غزة الاخيرة وتدخلات إيران المهيمنة وبشمولية في المشهد منذ بروز ما سمي بعصر – مرحلة خميني وقراره بتصدير ما يسمونه في معرفاتهم بالثورة الخمينية سنة ١٩٨٠ إلى الخارج واستخدامها كوسيلة وبغطاء ديني – مذهبي منكشف وبالتالي وباختصار : المشهد الآن سواءً في غزة ومعها كامل الجغرافيا التي تلعب فيها إيران وباختصار : هل حلّت مرحلة استهداف الخمينية وقهقرتها إلى داخل ايران ؟ و بالتالي البدء بتنفيذ مخططات ما بعد مئوية لوزان ؟

أھلاً بكم وبجریدتكم العزیزة، آمل أن تكونوا بصحة جیدة وموفقین في نضالكم..

ما أعلمه، أننا نواجه ھیمنة بلدین قویین في المنطقة وھما إیران وتركیا، وھما امتدادان

للامبراطوریتین الصفویة والعثمانیة، ویشكّلان الآن دولتین قومیتین، الأولى للفرس والأخرى

للقومیة التركیة، وھناك عاملان رئیسیان في نفوذ ھاتین الدولتین، بالنسبة لتركیا العامل الأول

ھو القومیة التركیة والعامل الآخر ھو المذھب السني، وھما أصبحا حجر الزاویة لتوسیع الھیمنة التركیة في المنطقة، وفي إیران العامل الأول ھو القومیة الفارسیة إلى جانب العامل الآخر ،وھو ترأسھا للمذھب الشیعي، وھذان العاملان مھدا الطریق لإیران في سبیل فرض

ھیمنتھا أیضاً على محیطھا، إضافةً إلى ذلك، فإنّ تركیا لھا حلفاء في المنطقة على مستوى الدول وكذلك على مستوى التنظیمات الموالیة لھا، وھذا الأمر ینطبق على إیران أیضاً من خلال تحالفاتھا مع دول الإقلیم وبعض المنظمات مثل حماس وحزب الله والمنظمات الأخرى ضمن العراق، كلّ من ھاتین الدولتین قد أنشأ بشكلٍ من الأشكال جبھة خاصة بھا وبحلفائھا ،

وتسعیان إلى أن یكون لھما دور فاعل في الشرق الأوسط، بحیث یحقّق لھما نوعاً من الاستمراریة لإمبرطوریتیھم القدیمة.

تعلمون أنھ ومنذ تأسیس الجمھوریة الإسلامیة في إیران عام ،1979 كانت ومازالت السیاسة

الرسمیة للجمھوریة الإسلامیة مبنیة على تصدیر الثورة وفرض المذھب الشیعي، عن طریق

ھیمنتھا السیاسیة وذلك كاستمراریة للامبراطوریة الصفویة ولكي یكون لھا تأثیر في سیاسة الدول التي یتواجد فیھا المكون الشیعي، وحتى من خلال دعمھا لحماس، استطاعت إیران

فرض ھیمنتھا وكلمتھا في تلك المنطقة، وباعتقادي إنّ ھذه السیاسة المتبعة منذ أكثر من أربعة عقود، من قبل الجمھوریة الإسلامیة الإیرانیة، ھي ظاھرة جدیدة على المنطقة وھي قیام دولة مذھبیة تتبع العنف السیاسي والمذھبي بھدف فرض سطوتھا على المنطقة. ربما كان ھناك نفس الطموح لدى نظام الشاه الإیراني، الذي استطاع من خلال دعمه لبعض التنظیمات توفیر

شكل من أشكال النفوذ في المنطقة، والسؤال ھو أین موقعنا نحن الكُرد في ھذه المرحلة ووسط ھذه اللوحة.؟ باعتقادي إنّ وضعنا ھو معقد أكثر من قبل، لأننا نخوض صراعاً مع الجمھوریة الإسلامیة الإیرانیة،منذ بدایة ثورة الخمیني ولحد الآن، فنحن لدینا مطالب ،

لحل القضیة الكوردیة في إیران، وھذه الجبھة تضمّ الحزب الدیمقراطي الكُردستاني – مشروعة، رغم أن وجھات النظر فیھا تنقسم على جبھتین، الأولى تعتقد أنّ الحكم الفدرالي

إیران وأیضاً منظمة (كوملة) ومن الممكن تحقیق ھذا الشكل من الحل في المستقبل عند إسقاط

النظام الإیراني وتشكیل نظام حكم غیر مركزي، وفي المقابل الجبھة الثانیة تعتقد أنّ إقامة دولة كُردیة في كَردستان الشرقیة ھو الحل الوحید للقضیة الكُردیة في إیران ، وھذه الجبھة

مكونة من أطراف وتنظیمات سیاسیة وشخصیات أكادیمیة واجتماعیة، وفي الواقع ھناك جدل

بین الجبھتین، حیث یقول دعاة الاستقلال، إذا تمّ إسقاط النظام الإیراني، لا یوجد داعٍ لكي نعیدالخطأ مرةً أخرى ونشارك في بناء الدولة الفارسیة، كما حدث في العراق بعد عام ،2003

حیث كان الكُرد العامل الرئیسي في إعادة تأسیس الدولة العراقیة الجدیدة، والتي أصبحت الآن

آكثر جھة تقف ضد حقوق إقلیم كُردستان، ولذلك فمن الأفصل أن نودّع الدولة الإیرانیة،ونؤسّس الدولة الكُردیة المستقلة. طبعاً عند اختیارنا لأي من الطرحین، سوف نواجه سؤالاً

رئیسیاً، وھو: ھل الجمھوریة الإسلامیة الإیرانیة ماضیة إلى الانھیار قریباً أم لا.؟ وباعتقادي،

أنه من المبكر الحدیث عن انھیار الجمھوریة الاسلامیة، لأنه من الواضح أنّ أنظمة الحكم في ھذه المنطقة، تحظى بدعم الدول الأوربیة وأمریكا أیضاً، وأنتم تعلمون، أنه بعد اندلاع الحرب

في سوریا وظھور تنظیم داعش الإرھابي، وصولاً إلى الحرب الروسیة الأوكرانیة وحالیا الحرب في غزة، شھد العالم موجة كبیرة جداً من اللاجئین الذین توجّھوا إلى الدول الأوربیة،

وتقول الإحصائیات إنّ أعداد السوریین وحدھم وصلت إلى ستة ملایین لاجئ في كل من تركیا والدول الأوروبیة، إضافةً إلى خمسة ملایین لاجئ أفغاني وكذلك نحو خمسة ملایین لاجئ

أوكراني، وھذا الأمر یشكّل تحدیاً كبیراً من النواحي السیاسیة، الأمنیة والاقتصادیة في المنطقة

والعالم وخاصةً بالنسبة للدول الأوربیة. ھذا الأمر دفع الدول الأوروبیة ومعھم أمریكا لرفض خیار تغییر الأنظمة في المنطقة عن طریق القوة التي قد تتسبّب في اندلاع حروب طویلة الأمد تؤدي إلى مزیدٍ من موجات الھجرة نحو الغرب، ولذلك فھم یفضّلون التھدئة في المنطقة،

إضافةً إلى ذلك فإنّ إیران لیست بذلك الضعف بحیث یتمّ التخلص من نظامھا بسھولة، وذلك لأنّ طھران مازالت تبیع النفط وتقوم بصفقاتھا التجاریة مع العالم، ولدیھا ترسانة كبیرة من

الأسلحة، وحدود بحریة، كل ھذه العوامل تجعلنا على قناعة بأنّ النظام الإیراني لن یسقط بسرعة، طبعاً جملة ھذه المعطیات، مرتبطة بالمعادلة الدولیة وكیف ستتطوّر ھذه المعادلة في

المستقبل. ومن الأمور الأكثر أھمیةً ھي مدى قدرة القوى الراغبة في التغییر داخل إیران على توفیر أسباب التغییر وتكثیف الضغط على النظام الإیراني،، فإذا وجد ھذا العامل حینھا قد

یتوفّر الدعم الإقلیمي والغربي لتغییر النظام الإیراني، وفي المقابل، كلما قلّ الضغط الداخلي،

سوف یكون من الصعب إسقاط النظام الإیراني خارجیاً، وذلك لأنّ ھناك شرائح واسعة من

الشعب الإیراني مازالت تدعم النظام القائم، خاصةً من النواحي المذھبیة والاقتصادیة، ولذلك فإنّ التدخل الخارجي سوف یؤدّي إلى حرب أھلیة طویلة الأمد في إیران، لأنّ الجمھوریة الإسلامیة لن تقبل بالتنازل عن السلطة، وھي لیست مثل الشاه الذي ترك التاج والعرش، بل

ھي أكثر عنفاً من أن تتخلّى عن السلطة بمرونة لطرف آخر، وتعلمون أیضاً ما یحدث في سوریا من صراع قائم منذ أكثر من 13 عاماً ولم یحسم الصراع بعد ولم تستقر الأوضاع ھناك حتى الآن، ولذلك لا یوجد تركیز من قبل دول المنطقة على تغییر النظام الإیراني.

فیما یرتبط بمستقبل ومصیر الكُرد، أقول إنه یتوجّب علینا تشكیل جبھة متماسكة من كل الأطراف السیاسیة، سواءً تلك التي تطالب بالاستقلال أو التي تطالب بالفدرالیة، وذلك بھدف تكثیف الضغط الداخلي على النظام الإیراني لیقتنع الناس عموماً بضرورة تغییر ھذا النظام والإتیان بنظام یحتوي الجمیع بمن فیھم أنصار النظام، فإذا وفرنا ھذا الشرط، أعتقد أنھهبالإمكان إسقاط النظام الإیراني داخلیاً وإنھاء حقبة ھذه الجمھوریة الدمویة، لكن في الواقع مازالت الحركة الكَردیة في كُردستان الشرقیة تنقسم على عدة جبھات ولم تستطع توحید

صفوفھا في جبھة متینة لحد الآن، رغم قیام الحزب الدیمقراطي الكُردستاني الإیراني وتنظیم كوملة بتشكیل جبھة موحدة فیما بینھما، لكنھا مازالت غیر فاعلة على الأرض، وعلیه فمن الضروري تشكیل جبھة موسّعة تضمّ كلّ أحزاب الحركة الكُردیة في كُردستان الشرقیة بالإضافة إلى النخب المؤیدة للاستقلال والشخصیات الوطنیة والاجتماعیة والصحفیین والعلماء وكل شرائح الشعب، للاستعداد لأي تغییر أو تحول یحدث في المنطقة، وأن نكون أصحاب خطة

عمل ورؤیة موحدة فیما إذا اتفقنا على المشاركة في تشكیل النظام المقبل أو التوجه لخیار آخر.

أكرّر شكري لكم على ھذه الفرصة التي منحتموني إیاھا.

الحوار منشور في جريدة يكيتي العدد “319”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى