سيرك /چاچي/ موروث غذائي للكُرد
أفين أحمد
يُعتبر السيرك و الچاچي من أشهر أنواع الجبن الحاضرة على مائدة الإفطار لدى الشعب الكُردي بشكلٍ عام ، منذ القدم وإلى وقتنا الحاضر ، إذ لا يخلو أي منزل كُردي من السيرك ، أو الچاچي. ، ورغم هجرة الكثير من الكُرد إلى بلاد الغرب ، إلا أنّ السيرك أو الچاچي ظلّ حاضراً على موائد إفطارهم ، أينما حلّوا ،
وقد يتوهّم البعض بأنّ السيرك والچاچي اسمان لأكلة واحدة ، إلا أنهما نوعان مختلفان في الطعم ، متشابهان في الشكل ،
وتشتهر معظم القرى في عموم كُردستان بأجزائها الأربعة ، بصناعة أنواع مختلفة من جبن السيرك والچاچي ، وتتميّز كلّ منطقة عن غيرها بطرق خاصة بها في تحضيرها عن غيرها من المناطق الأخرى ،
ويعتبر الكوجر من أشهر الكُرد الذين يشتهرون بصناعة السيرك ،
ولنميّز الچاچي عن السيرك علينا التعرف على كلّ نوع ، من ماذا وكيف يُصنع ، لكن قبل ذلك سنتحدّث عن الجبن البلدي كيف يتمّ تحضيره ،
حيث تتمّ صناعة الجبن البلدي من حليب الماشية غير المطبوخ ، بعد حلبها مباشرة ، وتصفية الحليب بمصفاة ليبقى نظيفاً وخالياً من الشوائب ،
حيث يضاف إلى الحليب القليل من المنفحة ، وهي المادة المساعدة في تحويل الحليب إلى الجبن ، وبعد إضافة المنفحة إلى الحليب يُترك لمدة ساعتين تقريباً ، إلى أن يتماسك الحليب ، ثم بعد ذلك يتمّ وضع الحليب المتماسك في أكياسٍ مصنوعة من القماش الخالي من النايلون ، ويعلّق ليصفّى الجبن تماماً من الماء والسوائل ، ويصبح قرصاً جاهزاً للاستعمال من الجبن البلدي ،
أما بالعودة إلى الچاچي والسيرك ، فالچاچي يتمّ تحضيره من اللبن المصنوع من حليب الأغنام حصراً ، حيث يُضاف الماء البارد إلى اللبن ويخضّ كثيراً وجيداً ، حتى يتشكّل الزبد ، ثم يتمّ تصفية الماء عن الزبد ، بعد ذلك يتمّ تسخين ماء اللبن المصفّى من الزبد ذاك على النار ، وقبل غليان الماء تتكوّن مادة بيضاء تطفو على الماء ، تلك المادة تسمّى چاچي ، و يتمّ جمعها ، ثم تُصفّى جيداً من السوائل ، بعد ذلك يضاف عليها الملح والثوم الأخضر المفروم المخلّل مسبقاً كما يضاف إليها قليل من الجبن البلدي ، وتخلط جيداً تلك المواد مع بعضها ، وفي الخطوات الأخيرة يتمّ حفظ الچاچي بوضعه في جرار مصنوعة من الفخار أو البلاستيك ، كما يتمّ وضع بعض أوراق العنب الخضراء فوق الچاچي ، و يتمّ تغطية فتحة الجرة بقطعة قماش خالي من النايلون ، ثم يتمّ تغليف الجرة بالوحل الأحمر جيداً ، لحمايتها من الحرارة المرتفعة صيفاً ، كذلك لحمايتها من بعض الحيوانات كالنمل والزواحف ، ويحفظ جيداً ليتمّ فتح الجرار في بداية الشتاء ، لتصبح جاهزة للأكل .
أما عن السيرك فهو يصنع من الجبن البلدي المفروم قليلاً إلى أجزاء صغيرة ، بعد إضافة الملح والثوم الأخضر المفروم وأيضاً إضافة بعض الأعشاب البرية التي تنبت في الربيع ، التي تعرف بالكُردية باسم (( جونك و قونجرك )) وهما نبتتان متشابهتان في الشكل ، ذات أزهار صفراء صغيرة ، إلا أنّ نكهة إحدى النبتتتين لاذعة أكثر من الأخرى ، كما يضاف إليها القليل من اللبن ، أما عن حفظها ، فهي تماماً كطريقة حفظ الچاچي ، ويسمّى هذا النوع من السيرك باسم سيركا كجاني ،
وتختلف صناعة جبن السيرك من منطقة لأخرى ، بإضافات بسيطة ، أو بطريقة التحضير والتخزين ،
أما بالنسبة للمواد المستخدمة في صناعة السيرك ، فهي تقريباً نفس المواد في كامل كُردستان بأجزائها الأربعة ، ومن أشهر أنواع السيرك ، تلك التي تُصنع في قرى شمال كُردستان ، وتسمّى سيركا زوزانا ، فهي تعرف وتتميّز بأنها أطيب أنواع السيرك ، لاحتوائها على كامل الدسم في مادة الجبن أولا ، ثانياً الثوم المضاف إليها نوع من أنواع الثوم البري الذي ينبت حصراً في الجبال والمرتفعات وتسمّى ب سيرك أو سورياز .
للسيرك والچاچي أهمية خاصة لدى عموم الشعب الكُردي ، فهما يعتبران من أقدم وأشهر المأكولات الرئيسية الخاصة بالشعب الكُردي ، والتي لا تزال تعتبر من أهم الأطباق الرئيسية على مائدة الإفطار لدى غالبية الشعب الكُردي أينما يكونوا ،
كما أنّ السيرك يُباع باسعار مرتفعة ، إذ يتراوح سعر السيرك ما بين الخمس و العشر دولارات للكيلو الواخد ،
أخيراً أينما حلّ الشعب الكُردي ، غالباً السيرك أو الچاچي يكون حاضراً ، لتزيين مائدة الإفطار لديهم ، كما أنه أينما وحيثما يُذكر اسم ال سيرك ، يُذكر معه الكُرد تلقائيا .