صحيفة بريطانية تسخر من إنكار الأسد لمجازر صيدنايا
يكيتي ميديا- Yekiti Media
قالت صحيفة “ميل أون صاندي” في تحقيق مطول لها، إن رئيس النظام السوري بشار الأسد هو آخر من “يلوح بورقة الأخبار الزائفة”، في رده على سؤال لـ”ياهو نيوز”، بشأن إعدامات بالجملة في سجن صديانا سيئ السمعة، الذي جاء فيه أن نظام الأسد أعدم ما يقرب من 13 ألف سجين فيه منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011.
وينقل التحقيق،عن الأسد قوله في مقابلته: “تستطيع نسيان كل شيء هذه الأيام”، واصفا التقرير الذي أعدته منظمة “أمنستي إنترناشونال” بعد تحقيقات استمرت سنوات بأنه “كاذب”، حيث رفضت المنظمة بشدة تصريحات رئيس النظام السوري.
وتذكر الصحيفة أن الأسد أشار في حديثه مع “ياهو نيوز” إلى أن المعلومات التي حصلت عليها المنظمة تمت عبر رشوة مسؤولين، مشيرة إلى أن تقرير “أمنستي”، الذي صدر الثلاثاء الماضي، يعد من أقوى التقارير حول حالات الاختفاء في سجون النظام السوري، حيث اقتيد السجناء للموت بعد محاكمات هزلية، لم تستمر سوى دقائق، وقامت في العادة على اعترافات انتزعها المحققون من السجناء بالقوة، وأمر بها مسؤولون في المناصب العليا من الدولة.
ويشير التحقيق إلى أن حكومة النظام ردت على التقرير بوصفه أنه “أخبار مزيفة”، وعلقت قائلة إن “الناس يمكنهم تزوير أي شيء هذه الأيام”، حيث قال الأسد في مقابلته مع “ياهو نيوز”، التي أجراها مايكل إسيكيوف، إن تقرير “أمنستي” هو نتاج طبيعي “لعصر الأخبار المزيفة”.
وتورد الصحيفة أن الأسد قام أثناء المقابلة قام الأسد بالالتفاف على أسئلة الصحافي، قائلا إن الولايات المتحدة ليست في وضع للحديث عن حقوق الإنسان بسبب علاقتها مع السعودية، ورد إسيكيوف قائلا إنه لا يقوم بمقابلة ملك المملكة العربية السعودية لكن رئيس سوريا، فرد الأسد قائلا: “أنت صاحب السؤال، وأنا أملك الجواب، وهذا هو ردي”، مشيرة إلى أنه أجاب لاحقا عن السؤال، حيث وصف تقارير “أمنستي” بأنها متحيزة وذات دوافع سياسية، وهو ما نفاه المتحدث باسم المنظمة جملة وتفصيلا.
وينقل التحقيق عن الأسد، قوله: “من العار أنهم نشروا التقرير دون أي دليل”، وعندما رد الصحافي الأمريكي قائلا: “ماذا عن الوثائق والأدلة القاطعة؟”، رد الأسد مشيرا إلى أن “أمنستي” ربما قدمت رشاوى للمسؤولين والحراس مع ثلاثة قضاة وأطباء بارزين، وقال الأسد: “لا يعني (التقرير) أي شيء، تستطيع إعداد تقارير، وتدفع المال لأي شخص، ليقول لك ما شئت”.
وتفيد الصحيفة بأن الأسد ضحك ساخرا من التقرير، واعترف بأنه لم يزر السجن، وأنه يقضي وقته في القصر الجمهوري، ورفض فتح تحقيق في الملف، لافتة إلى أن منظمة “أمنستي” رفضت مزاعم الأسد، وقال مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيليب لوثر: “في مقابلته، حاول رئيس النظام السوري بشار الأسد مرارا التقليل من مصداقية ما توصلت إليه (أمنستي إنترناشونال)”، وأضاف أنه “اعترف بعدم زيارته سجن صديانا العسكري، ولم يقدم أي معلومة حقيقية حول الوضع (الحقيقي) هناك”، وتابع لوثر قائلا: “اعترف الأسد بحدوث الإعدامات هناك، لكنه فشل في تقديم أدلة حول عدد من تم تنفيذ الإعدام بحقه في صديانا أو أي مكان آخر في البلاد”.
وقال لوثر: “لو لم يكن لدى الأسد أي شيء يخفيه فإن عليه السماح للمراقبين الدوليين بمراقبة صديانا ومراكز الاعتقال في سوريا كلها، ويجب عليه كشف الحقيقة حول عدد الإعدامات”، وطالب لوثر روسيا، التي رفضت التقرير بشكل علني، بـ”استخدام تأثيرها على السلطات السورية لتحقيق هذا الأمر”.
ويلفت التحقيق إلى أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عبر عن شعوره بالمرض من التقارير التي كشفت عن سياسة إبادة منظمة للأسد، وبأنه شنق 13 ألف معتقل، وهو ما يؤكد أن “لا مستقبل له في سوريا”.
وتبين الصحيفة أن تقرير “أمنستي” كشف عن أن النظام استهدف المدنيين الذين اعتبرهم تهديدا عليه، مثل الأطباء وعمال الإغاثة، حيث كان يعدم وبشكل جماعي 50 شخصا في اليوم، وهي ممارسة استمرت لمدة أربعة أعوام، حيث أجبرت المنظمة الدولية على التوقف عن جمع المعلومات في عام 2015، مشيرة إلى أنه من لم يمت بالشنق في سجن صديانا، الذي يتسع 20 ألف معتقل، فإنه مات جوعا أو من الأمراض.
ويورد التحقيق أن تقرير “أمنستي” نقل عن مسؤولين سابقين في السجن شهاداتهم، وكان أحدهم الضابط السابق حميد، الذي اعتقل عام 2011، وقال إنه كان يسمع صوت التعذيب والقتل من الطابق الواقع تحت زنزانته، وأضاف: “ولو وضعت أذنيك على الأرض كان بإمكانك سماع صوت الشهقات الأخيرة للسجين، التي كانت تستمر لمدة عشر دقائق.. وكنا ننام فوق صوت الذين يلفظون أنفاسهم”، وبعد موتهم كانت الأجساد تنقل وتدفن في مقبرة جماعية على أرض عسكرية خارج العاصمة.
وتكشف الصحيفة عن أنه جاء في التقرير أن عمليات القتل لابد أن تكون جهات عليا في الحكومة صادقت عليها، وتعلق قائلة إن “التقرير يقدم أول دليل على قيام الأسد بإصدار الأوامر للتعذيب والقتل”.
وينوه التحقيق إلى أنه جاء في التقرير، الذي حمل عنوان “مسلخ بشري”، أن المعتقلين لم يقتلوا في محاكم وإعدامات فقط، لكن عبر الحرمان من الطعام والشراب والدواء، لافتا إلى أن السجون امتلأت منذ بداية الثورة بمعارضي النظام، أو الذين شاركوا في التظاهرات المعادية له، والجنود الذي هربوا من الخدمة، حيث كانوا عندما يصلون إلى السجن يتعرضون لعملية إهانة تعرف بحفلة الترحيب.
وبحسب الصحيفة، فإن شهودا عانوا من التعذيب قالوا إن حرس السجن كانوا يجمعون السجناء في المساء ويخبرونهم أنهم سيحولون إلى سجون مدنية، وبدلا من ذلك كانوا ينقلون إلى بناية تعرف بـ”البناية الحمراء”، حيث يضربون ويعذبون لساعات طويلة، وعند منتصف الليل إلى الساعة 3 صباحا كانوا ينقلون في حافلات صغيرة معصوبي العينين إلى بناية أخرى “البناية البيضاء”، وبعدها إلى الغرف الأرضية فيها، حيث تلف الحبال حول رقابهم ويشنقون.
وتختم “ميل أون صاندي” بالإشارة إلى أنه بعد ذلك تحول جثث الموتى إلى مستشفى تشرين العسكري، حيث تصدر شهادات وفاتهم، بأنهم ماتوا لأسباب طبيعية، إما لضيق التنفس أو السكتة القلبية.
arabi21/ Mail On Sunday