في مهام مؤتمر المجلس الوطني الكردي القادم
هيئة التحرير
بقلم: عبدالله كدو
بعد مضي نحو خمس سنوات من التأخير على موعد عقد المؤتمر الرابع للمجلس الوطني الكردي في سوريا، تتجه قيادة المجلس لعقده في بحر أسابيع قليلة قادمة، بعد أن بات المجلس ينوء تحت حمل تراكمات تلك السنوات الثقيلة من عمر الأزمة السورية المستفحلة في كافة مجالات الحياة السياسية والاجتماعية و الاقتصادية وغيرها، حيث شهدت المناطق الكردية التي يتواجد فيها المجلس بكثافة ، تلك الخاضعة لسيطرة إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي pyd، هجرة عشرات الآلاف من أبنائها، وخاصة عنصر الشباب منهم، ذلك لأسباب كثيرة، منها : التجنيد الإجباري و خطف الأطفال والتعليم الفاشل غير المعترف بنتائجه، وشح الخدمات، وكذلك بسبب البطالة والغلاء الفاحش، إضافة إلى تقييد الحريات و تكرار نموذج الحزب الواحد وتداعياته من الفساد والمحسوبيات و غيرها، النموذج الذي كان سائدا في البلاد قبل بدء الثورة …و عليه فإن المؤتمر القادم للمجلس يجب أن يعيد النظر في جميع أساليبه وهياكله ويجددها ويفعّلها .
▪︎الجدية والرقابة :
المكونات التي ستشكل قوام المجلس، يجب أن يخضع قبول انضمامها إليه لشروط ومعايير محددة، تطبق على جميع مكوناته بدون استثناء، سواء كانت أحزابا أم منظمات المجتمع المدني أم شخصيات مستقلة، أما بالنسبة للشخصيات المستقلة فلا بد من إعادة الاعتبار لصفتهم ” الاستقلالية” التي لطالما انتُهكت حتى أصبحت مادة للتندر على مدى السنوات الماضية لدى حاضنة المجلس قبل خصومه، وبلغ غياب المحاسبة درجة اعتراف بعض المستقلين بأنهم أعضاء في أحزاب من المجلس، دون أي يرف لهم جفن، الأمر الذي يُفقد الجدّية والمصداقية في العمل المشترك، ويفتح الأبواب للتمييع من جهة، ويُحرم مستقلين حقيقيين ذوي امكانات نوعية مختلفة عن تلك المتوفرة لدى الأحزاب و منظمات المجتمع المدني من تسجيل حضورهم في المجلس، إضافة إلى أن استمرار بقاء انتحال صفة “المستقل” يقف كمؤشر سلبي على أداء المجلس، وبالتالي تثبيط العزيمة والاندفاع لدى أصحاب الصفات الحقيقية.
هنا في سياق ضرورة الجدية والتجديد لابد من الإشارة إلى أن لا سبيل لتمييز الأعضاء الفاعلين عن المقصّرين في المجلس، بدون متابعة متواصلة من قبل منظمات المجتمع المدني وخاصة تلك الإعلامية والقانونية، فإتاحة المجال لعمل سياسي متراخ، غير مُجدْوَل، تترافق، لا بد، مع حالات غياب الرقابة والضغط الجماهيري المدني والسياسي، و تناسب غياب الشفافية، وخاصة النشاط الإعلامي العلني الساعي لرفع الستار عن المستور من الأخطاء، بما يشمل حالات التغازل مع مَنْ يقف في الطرف النقيض.
▪ ︎ترتيب البيت الكردي:
من الضروري أن يشترط المجلس لعودته إلى طاولة الحوار الكردي الكردي مع pyd وحلفائه، على تحقيق جملة من الاجراءات المستعجلة، فعليه ان يتأكد من إيقاف عمليات الخطف المنظم للأطفال، التي تقوم بها مجموعات مرخصة ومرتبطة بحزب pyd ، وأن يتوقف الظهور العلني اليومي للمظاهر التي تشي بالارتباط العضوي بين pyd وpkk، وكذلك بتواجد عناصر غير سورية من كوادر pkk على امتداد جميع المناطق الكردية في سوريا ، ذلك في خلال تسيير مَسِيْرات تُرفع فيها شعارات pkk وصور زعيمه أوجلان، تلك التي تعرض المنطقة للتهديدات العسكرية التركية ومخاطرها، ذلك في الوقت الذي يتطلب من المجلس تعزيز خطابه الوطني السوري بالتوازي مع خطابه القومي الكردي.
▪︎ أما في الجانب الإداري:
فلا بد من توزيع المهام و الصلاحيات، وخاصة في مجال الخطاب الإعلامي، ما بين الداخل والخارج، ذلك بشكل مدروس وبالتشاور مع أصدقاء المجلس وفي مقدمتهم إقليم كردستان، فتفعيل الساحة الخارجية، وخاصة إعلاميا ودبلوماسياُ، في ظل تشديد القبضة الأمنية في الداخل، يحقق مردودا سياسيا واجتماعيا كبيرين، حيث يحصّن الشباب الكردي ضد دعوات صرف الانظار عن الساحة الوطنية الكردية، تلك الدعوات التي تأتي على خلفيتها عمليات تجنيد الأطفال وسوقهم إلى خارج الحدود.
▪︎ تحقيق مشاركة متوازنة للمناطق الكردية :
ليس بخاف على أحد، ضعف مشاركة كل من منطقتي عفرين و كوباني و تل أبيض في مؤسسات المجلس وممثلياته، سواء في الأمانة العامة أم في الممثليات المحلية في الخارج أم في لجنة العلاقات الخارجية أم في ممثلية المجلس في الائتلاف السوري، و هنا لا بد من الإشارة إلى أن الائتلاف السوري أقترح بأن يكون ممثلو المجلس الكردي من مختلف المناطق السورية ذات التواجد الكردي، لتحقيق التوازن النسبي في تمثيل مختلف المحافظات السورية في الائتلاف..وهنا من المفيد طرح الحلول العملية، و التي تتمثل في تحقيق التوازن بين تلك المناطق الكردية المذكورة و محافظة الحسكة على غرار ما مورس في المؤتمر الوطني الأول للمجلس، حيث تم أخذ خصوصية كرد عفرين وكوباني والرقة و حلب و دمشق بعين الاعتبار على أن يكون عدد المستقلين مناصفة بين تلك المناطق ومناطق محافظة الحسكة.
، كما يجب على المجلس العمل بجدية على تفعيل محليات المجلس في عفرين ورأس العين وتل أبيض، بغية العمل بجدية على عودة الأهالي إلى مناطقهم بالتنسيق مع ممثلي المجلس في الائتلاف لتذليل العقبات التي تعترض عودتهم.
▪︎ توحيد المواقف :
استطاعت مكونات المجلس من الأحزاب السياسية أن تحقق توحيد الرؤى والمواقف ،بشكل ملموس، في المرحلة التأسيسية للمجلس، حيث اتفقت على الانسحاب من جميع الأطر السياسية للمعارضة السورية، مثل إعلان دمشق و هيئة التنسيق وغيرها، لتبقى أعضاء في المجلس الكردي فقط، الأمر الذي سهل الانضمام إلى الائتلاف الوطني السوري بموجب مذكرة اتفاق متقدمة ونوعية، في تاريخ العمل المشترك للحركة الكردية مع المعارضات الوطنية السورية، ذلك من حيث التأكيد على الحقوق والثوابت الوطنية السورية والقومية الكردية.
لكن بعد المؤتمر الثالث للمجلس بدأت تظهر تباينات في مواقف أحزاب المجلس وغيرها من المكونات بشكل واضح و موثق على الإعلام، و خاصة الموقف من الائتلاف السوري، ذلك بعد العمليات العسكرية للفصائل العسكرية للائتلاف وتركيا في كل من عفرين و سري كانييه/ رأس العين و تل أبيص، حيث ظهرت تقييمات و مواقف قريبة من تلك لدى الإدارة الذاتية، غير آبهة بالشراكة مع الائتلاف، ومواقف أخرى مغايرة للأولى، مهتمة بتلك الشراكة، و عليه فإن المؤتمر الرابع مطالب بوضع ضوابط لكل اختلالات وحدة الموقف للمجلس، وتحقيق تلك الوحدة المنشودة والتوازن في مواقف المجلس و في أداء مؤسساته، حيث أن الاستمرار على ما كانت عليه الأحوال يُعرّض المجلس للتآكل، و لتحقيق الأفضل يمكن الاستفادة من تجارب المجلس السابقة، حيث استطاع إيقاف مسببات الاختلال في اعقاب فشل “الهيئة الكردية العليا” و نجح لدرجة مقبولة في إعادة ضبط إيقاع جميع مكوناته وتوحيد خطابه، ذلك قبل أن يخسر المزيد من الوقت والجهد، في هذه المرحلة المصيرية الصعبة.
المقالة منشورة في جريدة يكيتي عدد 301