(محنة وطن)
عبدالملك علي
على كل لسان ، محي الشعوب و الناس و الأقارب و الأهل والخلان وإن سألت أي فرد لقال وبكل طلاقة الوطن أغلى مافي الوجود على حياتي بعد الله ، ولكن السؤال الأهم أبناء الوطن الذين ولدوا و ترعرعوا في ربوعه فمهما كان الوطن غالياً فالأبناء أغلى فهي بمثابة الأم و الأبن فكل الأبناء يحبون أمهم و لكن الأم أيضاً تحب كل أولادها أكثر ولا قيمة للوطن بدون أبنائها و لا قيمة للأبناء بدون أوطانها.
فالعلاقة متبادلة ووثيقة كربط القلب بالجسم و الروح بالجسد فلا استغناء لأحداهما عن الأخرى.
و ما يعبث بوطننا كردستان في هذه الأيام هي بأيدي أناس غريبين عنها و أحياناً بأيدي ابنائها.
فداعش كمنظمة أرهابية أصبحت شغلها الشاغل هي تهجير الكرد و قتلهم و كأن الكرد هم أعداء لهم فمن غذى هذه العداوة المستقصدة سوى دول و منظمات ساهمت بشكل كبير في توجيه نظر أعداء الأنسانية الى الكرد لقتلهم و تشريدهم و لكن من ساهم و يساهم؟ كان قديماً و حديثاً عدواً للكرد و من حقه ان يفعل ذلك ولكن؟!
هناك أصابع خفية تعمل لصالح أعداء الكرد و الأنسانية و ساهمت بشكل فاضح في التفريق بين أبناء الأمة الكردية بل التفريق بين أبناء الأسرة الواحدة.
وساعدت و ساهمت في تهجير الكرد و ترك وطنهم للمجهول القادم ومازالت على موقفها في مساعدة أعداء الكرد حتى على أرواح أبنائها وما نشاهده في كردستان سوريا خير دليل على ذلك فهم قاموا بتهجير أبنائها ووضعوا أغلى شبابها في التهلكة ضد داعش و الأفظع من ذلك عندما لا نعترف بأخطائنا و تستمر في ذلك و نساعد حكومات قد أصبحت من الماضي في العرف الدولي و نتمسك بأنظمة دكتاتورية كانوا وما زالوا للأنسانية والعالم.
فمن غيرالمعقول و المقبول ان نتمسك بأشخاص وحكام كانوا دائماً سبباً في معانات الكرد و اغتصاب أوطانهم فإلى ماذا يستهدفون هؤلاء.
المزيد من إراقة دماء أخوتنا على أرض الوطن فأن كانت في سبيل الوطن فما أحلاها و أجلاها على قلوبنا وهم اعز الناس في الوجود و أغلى البشر على وجه المعمورة.
ولكن مايحز في نفسي ان ندفع بهؤلاء الى النار و الفناء مقابل التمسك بديكتاتوريات في المنطقة عاف عليها الزمن و مبادئ بالية اصحابهاالأصليين تركوها و هجروها منذ عقود، فيالهذه العقلية المتحجرة التي تشرب أعداء الكرد بدم الكرد و تفرغ له الوطن.
فنحن في زمن للسياسة فعلن أكثر من الحرب و السياسي البارع ينقذ أمته من التهلكة و يستعين بالعدو ضد العدو ولو كان هذا العدو شيطاناً.
فما تزرعه اليوم ستحصده غداً فنتيجة السياسات الخاطئة لا يمكن ان تحصد من ورائها مكاسب فستكون مآسي بالتأكيد وهذه المآسي لا تكون شخصية وإنما عامة يدفع ثمنها الوطن و المواطن لا أبرء أحداً من الأخطاء ولكن هناك أخطاء قاتلة تكون ثمنها مصير وطن و مواطن و من يرتكب هكذا أخطاء فلا تكون خطئاً و إنما تكون عمالة مقصودة يهدف من ورائها تدمير الوطن و تهجير المواطن.
داعش لم يأتي الى المنطقة لمحاربة الكرد و تشكيل الدولة الأسلامية على أرض كردستان التاريخية فإذا بها تحارب الكرد و تريد تشكيل الدولة على أراضي كردستان و كأنه نفسالأحصاء الجائر عام ١٩٦٢ عندما أرادت الدولة السورية الأستيلاء على أراضي الآغوات في المناطق الكردية فإذا للآغوات تعطي الدولة الأراضي التي تنتفع بها الفلاحين فهي بالأساس لم ينتفع بها الآغا إن كانت بيد الفلاح او تكون من الأراضي المصادرة من قبل الدولة و هذا ما فعلته دول و منظمات لتغيير نهج و مرامي داعش الى المناطق الكردية و إشعال النار بين الكرد و داعش.
فأراضي كردستان لا تنتمي لأراضي الشام و العراق منذ آلاف السنين يعلم الجميع سواء من الأقاليم المجاورة او من الدول العظمى، فمن المستفيد من هذه المعضلة الصعبة التي يدفع ثمنها الكرد و من سخر الكرد سابقاً ليكونوا الأعداء المفترضين لداعش.
كلٌ يسعى الى مكاسب سياسية و اقتصادية و هناك دائماً من يدفع ثمن هذه السياسيات أي التوابع.
فالمنطقة مقسومة الى فريقين فريقٌ حاكم مستبد متسلط دفع بالوطن الى التهلكة نتيجة سياسات طائفية مذهبية مفتعلة يسعون من خلالها الى السيطرة على مقدرات الوطن و توسعت المطامح الأستعمارية في المنطقة و هذا ما صرح به المسؤولين الأيرانين في الأيام الأخيرة فهم يشغلون العالم بداعش و يستعمرون مناطق استراتيجية هامة في المنطقة العربية اليمن السعيدة و باب المتدني للسيطرة على الطرق التجارية العالمية و الأنظمة العربية نائمة الى حد الغيبوبة لا تدرك ماذا تفعل ايران بمساندتها داعش ليكون العدو المفترض لأمريكا و تتفرغ هي لمطامحها في المنطقة و قد يكون ثمن النووي الإيراني أجزاء واسعة من الوطن العربي ان لم يكن كلها.
وبذلك نكون نحن الأكراد في الوقت الحاضر تحت مطرقة داعش و سندان ايران و تركيا فالمطرقة واحدة و السندان سندانان أحدهما خبيث تمرس على أساليب اللعبة و اعني بها ايران و الثاني السندان التركي الذي اصابه الجشع الاقتصادي و السياسي الذي يريد من ورائها السيطرة على المنطقة اقتصادياً وان لا يخسر سياسياً و امريكا تركض وراء داعش تاركاً المنطقة في مستنقع الدماء التي تنزف يومياً و يدفع اكثر ثمنها الأكراد نتيجة السياسات الخاطئة التي سلكوها.
فمرض الأيبولا كانت ورائها حتماً بكتيريا او فيروس او جرثومة تطورت في بيئة ملائمة و من ثم أصبحت قادرة على ان تصيب البشر و تصبح وبائاً و كذلك داعش ترعرعت و تقوّت في بيئة الأسد و ايران حتى وصلت الى أهداف و مطامع ما كان يصلها لولا دعمهم فالنهج السوري و الايراني وراء اكراه الناس لامريكا و أوربا ساعياً منها السيطرة على مقاليد الحكم و بأيجاد دائماً ما يبرر تلك السياسات فإيران اتبعت دائماً سياسة العدو المفترض و المقاومة المفترضة وبين الأثنين تسعى دائماً مناطق نفوذها.
فالمهم في الوقت الحاضر هو وقف مد داعش و استئصال المرض من جذورها و ذلك بالتصدي للمشاريع الصفوية و إسقاط الأنظمة و المنظمات الموالية لها لانهم اساس الشر في المنطقة و بذلك قد نكون قادرين ان نصنع مفتاح السلام في الشرق الأوسط و المرحلة الحالية بالنسبة للكرد هي من اصعب المراحل التاريخية و قد نكون على حافة هاوية لم يدركها بعد البعض منا نتيجة ارتباطاتهم مع حكومات يوهمون بها شعوبهم على انهم الأفضل والسياسي البارع و الأصيل من يتمكن ان يتجاوز سيئات الآخرين و يبعث عن أساليب و وسائل تخرج الكرد من هذه المِحنة و اعتقد ان للمرحلة رجالها و أرجو ان لا أكون مخطئاً في حدسي لان هذه المِحنة ان لم نتجاوزها فهي كارثية بامتياز يدفع ثمنها كل شعوب المنطقة.