آراء

نحو حرية واستقلال كوردستان

غفور مخموري
تقع كوردستان كوطن محتل مجزأ دولياً في الشرق الأوسط في موقع جداً استراتيجي على الخارطة السياسية، وان معظم المصادر الأساسية لطاقة المنطقة كائنة في أطار أرض كوردستان النفط، الذي هو أحد المصادر الرئيسية للطاقة بنسبة ماموجود في كوردستان، حيث يمكننا القول بأن أكبر احتياطي للنفط في المستقبل مصدره كوردستان، اضافة الى وجود احتياطي كبير للكبريت والفوسفات والذهب واليورانيوم والحديد والمعادن الأخرى، وكذلك استناداً الى الزراعة ووجود مصادر كثيرة للمياه، كل هذه تظهر غنى أرض كوردستان.
ولذلك فأن كوردستان كانت دائماً محط أنظار الدول القوية ونقطة اصطدام القوى التوسعية والاحتكارية لاحتلال أرضها ونهب ثرواتها. لو رجعنا الى التأريخ القديم جداً كجالديران ( ضالَديَران ) ولوزان اللتين كانتا جريمتين كبيرتين ضد كوردستان والقومية الكوردية وقد أصبحتا سبباً لتجزأة واحتلال كوردستان، لكن لم تمر نتائج تلك الجرائم دون الجواب ورد الفعل، بل ان الشعب الكوردي على امتداد تأريخ التقسيم واحتلال أرضه، بهدف الدفاع عن وجوده وبقائه وطرد المحتلين من أرضه وانشاء الكيان القومي والوطني كان دائماً في تضحيات ثورية ضد المحتلين والمضطهدين، اضافة الى ذلك خلال امتداد وطوال هذه التضحيات الجسام، كانت الأوضاع الدولية والأقليمية والمحلية أيضاً، كان القسم الأعظم مباشرة منها وقفوا ضد حركته التحررية وقسم آخر منهم لم يكونوا على مستوى ثقل واهمية وعظمة الحركة، ولكن الذي يمكن أن يعتز به الكورد الى الآن هو أنه نتيجة لتضحياته البطولية رغم وجود الكثرة الكاثرة من أعدائه الشرسين الهمجيين تمكن ان يحافظ على وجوده كقومية، وتمكن أيضاً الدفاع عن وجوده وبقائه، ويحمي نفسه من الانقراض والفناء. ولاشك ان هذا يعد نقطة لامعة لتأريخ الكورد واكبر مكسب لتضحياته.
بالنسبة للوضع السياسي في كوردستان فأن احتلال كوردستان لم يكن مثل احتلال الدول الأخرى وكوردستان كأرض مرت بعدة مراحل للتقسيم فقد انقسمت بين عدة قوى، فلأول مرة قسمت أرضها بعد معركة (جالديران) في عام 1514م، بين الأمبراطوريتين الصفوية والعثمانية وبعد ذلك في (سايكس- بيكو) ثم في (لوزان) حيث قسمت على أربعة دول مختلفة سياسياً (العراق- تركيا- ايران- سوريا) هذا التقسيم ادى الى ان تحكم كوردستان أربعة سياسات مختلفة ومن الناحية الاجتماعية نرى أن الأمة الكوردية كأحدى امم الشرق الأوسط قد قسمت على ثلاث أمم كبيرة وهي الأمة العربية والتركية والفارسية. نحن في الجنوب واخواننا في الغرب أكثر تأثيراً بالفكر العربي والثقافة العربية والعادات والتقاليد العربية هذا التأثير مازال موجوداً لحد الآن، لأن الأمة الحاكمة تسعى دوماً ان تفرض تراثها وثقافتها وعلاقاتها الاجتماعية على الأمة المضطهدة النظام في سعي مستمر لمحو العادات والتقاليد الاجتماعية للأمة الكوردية وتزيل الطابع القومي الكوردي، كذلك في شمال كوردستان نرى ان الثقافة القومية التركية غالبة على امتنا وفي الشرق فأن الفكر الفارسي والثقافة الفارسية غالبة على امتنا، ومن الناحية الاجتماعية لقد خلقت ثلاث وقائع مختلفة، إذاً فأن التأثيرات التي كانت على امتنا وعلى التاريخ جعلت من ان يكون ظرف احتلال كوردستان مختلفاً جداً عن احتلال الدول الأخرى على سبيل المثال (فيتنام وكوبا وفلسطين… الخ) كانت لديها مشاكل مع محتل واحد لكن المشكلة الرئيسية للأمة الكوردية هي ان لديها مشكلة مع أربعة محتلين من الناحية السياسية.
ومن الناحية الاجتماعية كما اشرت فأن هذه التأثيرات قد اضرت كثيراً بنضال الأمة الكوردية، لذا نرى بأن حدوث أي تقدم في جنوب كوردستان في هذه المرحلة يكون له تأثير مباشر على الاجزاء الثلاثة الأخرى من كوردستان مما يجعل من دول المنطقة ان تكون في سعي مستمر ودائم حتى لايسود الهدوء والاستقرار في جنوب كوردستان كي لايؤثر على الحركة السياسية الكوردية في الاجزاء الأخرى من كوردستان ولهذا السبب فأن أي تغيير أو تطور خارجي باتجاه كوردستان يجب ان يراعي مصالح دول المنطقة وهذا معناه ابعاد تلك الدول الخارجية نفسها من مساندة شعبنا.
اليوم عصر التفاهم والحوار والمصالح المشتركة لذا فأن اكثرية الدول صاحبة القرار مستعدة لحماية هذا الجزء من جنوب كوردستان وعلى رأسهم (امريكا) التي اصبحت صانعة للقرارات السياسية العالمية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق حيث اكدت مراراً بانها سوف تحمي هذه المنطقة حتى لو اضطرت ان تقوم بذلك بمفردها. بديهي ان لأمريكا مصالح في المنطقة لذا فأنها تستمر في حماية المنطقة حماية لمصالحها، ورغم الخلافات الموجودة بين دول المنطقة فأنها قادرة على هذه الحماية وكجزء من التعهد الذي قطعته على نفسه.
الآن وعند الاعتداء على الأمم المضطهدة والمشاكل التي تحدث في العالم فأن هناك دولة تساندهم وتؤازرهم وخاصة في مشكلة كوسوفوا.
حيث تقوم امريكا بالتعاون مع الدول الاعضاء في حلف شمال الأطلسي لحماية شعب كوسوفو، وحينما نرى ذلك نقدره ونعتبره اساساً جيداً لثبات تجربتنا في جنوب كوردستان، لذا يجب ان نضع هذا في الاعتبار عند تعاملنا مع دول المنطقة حيث يجب ان يكون مبنياً على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وليس على مبدأ الخضوع والتسليم. ويجب على الأمة الكوردية ان تنظر الى ماضي الحركة التحررية الوطنية الكوردستانية في علاقاتها مع دول المنطقة لكي تتمكن من ان تبلور منهاجاً اكثر تنظيماً في العلاقات مع هذه الدول، وفي نفس الوقت نحن كالاتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK بحثنا هذه المشاكل بكل دقة في مؤتمرنا الثالث الذي انعقد في 12/1/1999 وفي مؤتمرنا الخامس الذي انعقد في 12 / 12 / 2012 ووضحنا موقفنا في التقرير السياسي.
واضح ان الوضع السياسي داخل كوردستان متأثر بالظروف السياسية للمنطقة.
نحن الكود كيف يمكننا ان تكيف مع الأوضاع الدولية والاستفادة منها لاتخاذ خطوات نحو الحرية واستقلال كوردستان؟
ككورد علينا ان نحترم كافة المباديء والخطوط الرئيسية للسياسة والارتباطات والقوانين الدولية الجديدة الفعلية والملموسة السائدة اليوم في العالم وهي نافذة المفعول، وكذلك من الضروري العمل من أجل أن يكون العمل الدبلوماسي الكوردي اكثر فاعلية من الماضي لغرض القضية المشروعة لشعب كوردستان مجدداً وايصالها الى القنوات ذات السلطات في العالم، لكي نثبت لها ونفهمها بأن من الصعوبة بمكان دون الحل الجذري والسياسي للقضية المشروعة لشعب كوردستان ان يسود الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط الذي يريده المجتمع الدولي، لاشك ان الأمن والأستقرار للشرق الأوسط جزء من أمن واستقرار العالم، أي دون حل المسألة الكوردية يبقى جزء من العالم في عدم الاستقرار، وهذا بسبب ان تكون مصالح البلدان القوية في الشرق الأوسط تحت طائلة التهديد، ولهذا الغرض يجب ان يكون لنا برنامج عمل واستراتيجية قومية واضحة وملائمة بحيث نتمكن مع توجه الاحداث والتحولات السياسية الدولية الفاعلة ان نخطو خطوات ضرورية نحو تحقيق اهدافنا، ونثبت بشكل تام للقنوات العالمية صاحبة القرار بأننا ككورد نكون لا لأنفسنا فقط بل لجميع المنطقة والعالم عامل تعزيز الأمن والاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، علينا ان نعمل لكي نوضح للعالم بأننا كإحدى قوميات الشرق الأوسط الحق بنا ظلم تأريخي كبير حيث جزئت أرضننا واحتلت، ومازلنا محرومين من جميع الحقوق، فمن حقنا ان نتمتع بحقوقنا القومية في الألفية الثالثة، ويتحقق هذا وحده عبر الوصول الى الاستقلال والحرية، اي الحل الجذري للقضية الكوردية تشكيل دولة كوردستانية، ولهذا لابد أن نبلغ العالم كله بشكل جداً واضح وبيّن إستراتيجية (كوردستان مستقلة حرة موحدة ديمقراطية) لأنه حق مشروع وطبيعي جداً لكل أمة ان تؤسس دولة قومية على أرضها، وان تصبح ذات كيان سياسي ودور خاص في بناء المدنية والحضارة والتقدم الانساني.
حيث أننا الكورد محرومون بل سلب منا هذا الحق منذ سنين طوال، ولكن رغم اضطهادنا وابادتنا وانكار وجودنا، تمكننا بكل فخر واعتزاز ان نلعب دوراً فاعلاً جداً في بناء حضارة المنطقة، وان نحافز على وجودنا وحضارتنا التي هي جزء هام من حضارة البشرية كلها.
كما لابد ان نذكّر المجتمع الدولي ان الدول العظمى في الماضي ظلمت كثيراً شعب كوردستان عن طريق اتفاقيتي (سايكس بيكو) و (لوزان)، حيث جزأوا بلادنا وقسموها على البلدان المصطنعة (تركيا، ايران، العراق، سوريا) وقد صنعوا تلك البلدان على حسابنا، ولهذا فإن الدول العظمى وقفت على عاتقها تجاه الكورد مسؤولية أخلاقية ان تكون عوناً ودعماً للكورد لانهاء تلك المظالم والتوصل الى الحرية والاستقلال.
أجل يجب علينا الكورد لبلوغ اهدافنا ان نعمل بهذا الاسلوب ونوحد خطابنا السياسي، فان الأوضاع الدولية في عالمنا اليوم هي أكثر ملائمة وتوافقاً من الماضي، وان معظم بلدان العالم تقرأ القضية الكوردية بنظرة اخرى، وتنظر الى القضية الكوردية كقضية سياسية، ولاريب فيه ان القضية السياسية تحتاج الى حل سياسي.
درس الاتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK المجتمع الكوردستاني بامعان ومن كل النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والعسكرية عند تأسيسه واخرى وعلى هذا الاساس وضع في برنامجه عدة امور لتخدم تلك النواحي ويناضل من اجل تلك الاهداف ولكن ستراتيجية الاتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK هي (كوردستان مستقلة وحرة وموحدة وديمقراطية) لأن هذا العصر هو عصر استقلال الامم المضطهدة في العالم، فبعد تفكك الاتحاد السوفيتي السابق مثلاً فأن أكثرية الأمم التي كانت تحت نيره قد اعلنوا استقلالهم، ونحن بدورنا نرى ان أحد اسباب التفكك بعد انهيار الشيوعية هو عدم حل المسألة القومية على اساس ديمقراطي، والامة الكوردية كأحدى الامم التي ظلت تناضل منذ سنوات عديدة وتقدم التضحيات الجسام في هذا السبيل وهي أكبر الامم في الشرق الاوسط المحرومة من ابسط حقوقها القومية، لهذا السبب تم تأسيس الاتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK ليوصل تلك الحقائق الى الجماهير داخل كوردستان والى المحافل السياسية في الخارج والى دول المنطقة وليعلن للملأ بأن الشعب الكوردي كأي شعب آخر في الشرق الاوسط له الحق في ان تكون له دولته القومية وله الحق في ان يعيش على أرضه حراً، ويمارس سلطته تأسس من اجل توعية المناضلين الذين نظموا في اطاره بأفكار قومية ويثبت فكرة الاستقلال في عقولهم.
غفور مخموري * السكرتير العام للاتحاد القومي الديمقراطي الكوردستاني YNDK

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى