يكيتي تحاور فصلة يوسف عضو رئاسة المجلس الوطني الكُردي
ليلى قمر
امرأةٌ تجاوزت الكثير من العادات وتحدّت ظروف القمع والاضطهاد وانخرطت في ميدان العملين الاجتماعي والسياسي بشكلٍ فعّال ،واستطاعت أن تجعل من شخصيتها أنموذجاً لمثيلاتها من خلال ما قدّمته من جهدٍ ونضالٍ وتبوّء مسؤولية القيادة كواجبٍ نضالي لنيل حقوق شعبها المضطهد ..
حوارنا في هذا العدد هو مع الأستاذة فصلة يوسف سكرتيرة حزب الوحدة الديمقراطي الكُردستاني الشقيق وعضوة هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكُردي .. في البداية نتقدّم لها بشكرنا الجزيل لإتاحتها هذه الفرصة لنا بالرغم من مشاغلها الكثيرة ……
سؤالنا الأول :
كيف تقيّمون نشاط المرأة الكُردية تنظيمياً وسياسياً ، ومن خلال تجربتكم هل يساهم العمل التنظيمي في زيادة تقدّم المرأة وتعزيز دورها في النشاط السياسي ؟
الجواب :
بالعودة إلى الوراء عندما كان العمل السياسي برمّته محظوراً في ظلّ الأنظمة الاستبدادية، والذي انعكس بشكلٍ خاص على حضور المرأة في المعترك السياسي، لذا كانت مشاركتها محدودة وغير فعّالة في تلك المرحلة، لكنّ بداية اندلاع الثورة السورية السلمية أعطت دفعاً قوياً لنشاط المرأة على كافة الصعد، ولاشكَّ أنّ انخراط المرأة في الحقل السياسي يعدُّ خطوةٌ إيجابية، وحتى يكون حضورها لافتاً يترتّب عليها القيام بواجباتها الحزبية على أكمل وجهٍ وإثبات جدارتها وبذل المزيد من العمل والنضال لنيل حقوقها، ليكون حضورها مؤثّراً في المحافل الحزبية، لا مجرد ديكورٍ أو ضيفة شرفٍ لتشارك الرجل في رسم سياسات الحزب وتترك بصمتها على صناعة القرار السياسي. وباعتقادي أنّ منح الثقة للمرأة لتتبوّأ مراكز ريادية سيعطي دفعاً لنشاط المرأة داخل الحزب.
السؤال الثاني :
– بتصوّركم ومن خلال تجربتكم الريادية وقيادتكم لحزبٍ شقيقٍ ، هل من معوقاتٍ ما لعمل المراة التنظيمي ؟ ومامدى تقبّل المجتمع الكُردي لذلك ؟ .
الجواب :
– لم تتوفّر بيئةٌ مثالية للحراك السياسي والاجتماعي للمرأة الكُردية ،حيث لازال يواجه عملها التنظيمي وكفاحها السياسي تحدياتٌ جمّة من معوقاتٍ وعراقيل سياسية واجتماعية وعادات وتقاليد بالية موروثة، علاوةً على النظرة الدونية للمجتمع الذكوري لها، إلا أنها من خلال عملها ونضالها الدؤوب قطعت أشواطاً إلى الأمام، متجاوزةً العديد من هذه العقبات، واستطاعت تصحيح نظرة الرجل لها والتأثير على وعيه وإدراكهِ بأهمية تفعيل دور المرأة، وتقبّله لقيادة المرأة وإفساح المجال أمامها، وتجدر الإشارة إلى أنّ المجلس الوطني الكُردي ساهم بدوره في تشجيع المرأة والنهوض بها ،ودفعها للمشاركة بفاعليةٍ على كافة الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافيّة، وإفساح المجال أمامها في جميع هيئاته وتبوؤها مراكز قيادية، لتسهم في صناعة القرار السياسي، ولتشارك جنباً إلى جنبٍ مع الرجل في رفع الظلم والاضطهاد عن كاهل شعبها وتدافع عن حقوقه المغتصَبة.
السؤال الثالث :
– بصفتكم واحدة من اعضاء وفد التفاوض للمجلس الوطني الكُردي مع ب ي د والأحزاب المتحالفة معها ، ورغم ما يتسرّب ويُصرّح به بعضهم ، كيف تقيّمون المفاوضات وآفاقها ؟ وما مدى ممارسة راعيي المفاوضات لدورهما ، وإمكانية ممارسة الضغط ؟
الجواب :
من الطبيعي أنّ مسار المفاوضات بين الطرفين المتحاورين ليس معبّداً كما ينبغي، ويحتاج إلى الإرادة وتقديم التضحيات، ولنا في هذا الصدد تجارب مريرة مع PYD والأحزاب المتحالفة معها، فالاتفاقات الثلاثة التي أبرِمت بين المجلس وحركة المجتمع الديمقراطي (TEV-DEM) برعاية الرئيس مسعود البارزاني ولدت ميتةٌ، مما صعّد من حدّة الخلافات بين الطرفين وكذلك تعمّق الشرخ في الشارع الكُردي، وهذا يعني أنّ عملية رأب الصدع والمصالحة الكُردية ليست بالأمر السهل، وزاد الأمور تعقيداً مع التصعيد الأخير لـ PYD ضدّ المجلس الوطني الكُردي، من خلال استهداف مقرات المجلس وأحزابه والتصريحات المسيئة للبيشمركة والاعتقال الكيفي لنشطائه ومؤيّديه، وناشدنا حينها الراعي الأميركي لوضع حدٍّ لهذه الانتهاكات ومنع تكرارها، وما يؤسف له ازدياد منسوب التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة والتي أساءت إلى العملية التفاوضية، وانصبّت في خدمة جهاتٍ لا تريد الخير لشعبنا، علماً انه لم يصدر أيّ تصريحٍ رسمي بين الطرفين المتحاورين بتعليق المفاوضات أو إنهائها. من جانبٍ آخر إنّ المعطيات والمؤشّرات في اجتماعات جنيف والوقائع على الأرض تُشي بأنه لا يمكن المراهنة على النظام والمعارضة (وجهان لعملة واحدة) فكلاهما يتهرّبان من الاعتراف بوجود قضيةٍ كُرديةٍ عادلة في سوريا، وأعتقد جازمةً أنه لا بديل عن وحدة الصف الكُردي لدرء الخطر عمّا تبقّى من المناطق الكُردية، وفي الوقت الذي نؤكُد أنّ إنجاز أيّ اتفاقٍ مع الطرف الآخر يتوقّف على جدّية الجانب الأميركي الراعي للمفاوضات، وهذا ما نتطلّع إليه وسيظهر جلياً في قادم الأيام، ونحن بانتظار مواقف الإدارة الجديدة إزاء الملف الكُردي ويساورنا القلق وكذلك الشارع الكُردي الذي لم يعد يتحمّل مزيداً من خيبات الأمل، وعليه فإنّ فشل المباحثات الكُردية سيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل الكُرد في سوريا.
السؤال الرابع :
أستاذة فصلة نحن على أبواب شهر آذار المليء بمناسباتنا الحزينة والمفرِحة ، وهناك يوم المراة ونوروز ، ماذا ستقولين في هاتين المناسبتين ؟ وما رسالتك كواحدةٍ من القيادات السياسية والنسوية ؟ وماذا تقولين للمرأة الكردية ؟
الجواب :
مع إطلالة شهر آذار تعود بنا الذاكرة الكُردية إلى كلّ ما يحمله هذا الشهر في طيّاته من آمالٍ وآلامٍ، حتى كاد أن يكون شهراً كُردياً بامتيازٍ، وفي 21 آذار من كلّ عامٍ يحتفل شعبنا الكُردي بعيده القومي نوروز تعبيراً عن فرحته وغبطته لليوم الجديد، ودأب شعبنا الكُردي على احتفاله بعيد نوروز في ظلّ الحكومات الاستبدادية والشوفينية، وقدّم من أجله شهيد نوروز الأول في سوريا الشهيد سليمان ادي، وبحلول نوروز هذا العام تخيّم أجواء من الحزن والأسى على شعبنا في عموم كُردستان ممّا آلت إليه الأوضاع في عفرين وسري كانييه وكري سبي، وفي الثامن من آذار عيد المرأة العالمية هذا المنجز التاريخي الذي جاء بفضل التضحيات الجسام التي قدّمتها المرأة لنيل تحرّرها وانعتاقها عبر الأزمنة الغابرة، حيث تحتفل به جميع الشعوب المتحضّرة في العالم تقديراً لمكانة المرأة وعطائها، ولابدّ من الإشارة إلى أنّ الحركة السياسية الكُردية ومنذ عقودٍ من الزمن كانت تقيم الندوات السياسية ليلة العيد وتحيي هذا اليوم في أجواء الطبيعة بالرغم من الظروف الأمنية الصعبة.
وفي الختام وبمناسبة عيد المرأة وعيد نوروز اتقدّم بأحرّ التهاني والتبريكات للمرأة الكُردية المكافحة وأدعوها إلى المشاركة الفعّالة في إحياء هاتين المناسبتين، ونعاهدها بمواصلة النضال ضد التخلّف والاستبداد والإرهاب من أجل تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وضمان ذلك في دستور البلاد، والعمل على بناء سوريا ديمقراطية برلمانية اتحادية، ينتفي فيها التمييز على أساس العرق أو الدين أو الجنس، سوريا لكلّ السوريين.