يكيتي تحاور فيان دخيل العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكُردستاني – العراق
حاورتها ليلى قمر
فيان دخيل تلك المرأة التي أجهشت ببكاءٍ، هزَّ ليس أركان البرلمان العراقي فحسب، إنما ضمائر العالم أجمع.. صرخةُ ألمٍ من عميق إحساسِ إنسانةٍ كان يصلها أنين ومناجاة الآباء والأمهات وصراخ العذارى والأطفال.. صرخةٌ هزَّت كلّ ذي ضميرٍ ووجدانٍ ولم يشفِ ذلك البكاء الموجع من ثورة الألم عند فيان دخيل، بلْ مدَّتها بعنفوانٍ وعزيمةِ لبوةٍ، لتستقلَّ الهليكوبتر إلى حيث شنكال تلك البقعة الطاهرة ورغم أنّ الطائرة هوت وأصيبت فيان دخيل بجراحٍ، لكنها استمرّت في نضالها ولا تزال، وكانت خير سفيرةٍ تعمل في ملفّ شنكال، وسعت لضمّها إلى ملفّ القضية الأكبر ونعني بها كُردستان.
فيان دخيل المرأة الشجاعة بحقٍّ والتي جسَّدت المثل الكُردي القائل:
şêr şêre çi jine çi mêre .
نحن في هيئة تحرير (يكيتي) الجريدة المركزية لحزب يكيتي الكُردستاني – سوريا نتقدّم بالشكر الجزيل للسيدة فيان دخيل لمنحنا فرصة إجراء الحوار التالي:
السؤال الأول:
سنبدأ لو تفضّلتم الأستاذة القديرة من حيث وصل إليه ملفّ المتبقّين من المختطَفات والمفقودين …؟
الجواب:
طبعا للأسف لايزال عندنا عددٌ كبير قرابة ٣٠٠٠ مختطَفٍ ومفقودٍ وأشخاصٍ لانعرف مصيرهم لحدّ الآن . المشكلة في هذا الملفّ أنه كان يحتاج إلى دعمّ أكبر وتخصّصٍ أكثر وقوةٍ أكبر تدعم هذا الملفّ، الذي عملت عليه فقط حكومة إقليم كُردستان بكلّ قوّتها ، لكن طبعاً نحن نعرف بأنّ المفقودين والمخطوفات لم يكونوا فقط داخل العراق بل كانوا حتى بدول الجوار وهذا كان يحتاج لجهدٍ. استخباراتي ومؤسّساتي أكبر وأوسع وأشمل، الحكومة العراقية للأسف لم تتدخّل في هذا الموضوع ولم تتبنَّ هذا الملفّ رغم إلحاحنا الكبير ودعواتنا المستمرّة لها لأن تقوم بواجبها تجاه هذا الملفّ ولكن للأسف لم تكن هناك آذان صاغية ، فلايزال هذا العدد الكبير من المفقودين نحاول أن نصل إليهم پجهود بعض المؤسّسات في إقليم كُردستان ومكتب السيد رئيس الحكومة طبعاً في حكومة السيد نيحيرفان برزاني وهو مستمرٌّ في حكومة السيد مسرور البرزاني بإعادة المخطوفات وذلك عبر شرائهم للأسف من دول الجوار ، بعض المخطوفات موجودات حتى داخل العراق لدى بعض الأسر التي ترفض ربّما أو تتجنّب الإعلان عن هؤلاء خاصةً الأطفال الصغار حيث تمّ خطفهم في سن السنتين او الثلاث سنواتٍ بالتأكيد الآن أصبحوا في عمر الثماني أو التسع سنواتٍ فنسوا أهلهم ونسوا هويتهم ونسوا أسماءهم ، وهذه الأسر لايمكن أن تسلّمهم إلى ذويهم لأنهم سيكونون تحت طائلة القانون وسيتمّ اعتبارهم من الدواعش .
السؤال الثاني
نعلم جميعاً الخصوصية التي تتمتّع بها منطقة شنكال وأهميّتها الدينية من جهةٍ، وضرورة عودة مهجّريها إلى مناطقهم من جهةٍ أخرى.
أين وصلت مسألة إعادة إعمار القرى والبلدات هناك؟
الجواب:
مسألة إعادة الإعمار في القرى وبلدات شنگال،
للأسف لايزال قضاء شنكال حتى هذه اللحظة مرتبط إدارياً بمحافظة الموصل و ليس بإقليم كُردستان
وإعادة إعمارها يقع على عاتق الحكومة المركزية في بغداد وهناك صندوق إعمأر المناطق المحرّرة يمكن أنّها تأسّست منذ عام ٢٠١٥ و رُصِدت لها مبالغ كبيرة سواءً منحٍ من الدول أو حتى من ميزانية الدولة العراقية لكن لم يُخصّص منها إلا القليل جداً جداً لإعادة إعمار شنكال ، وعلى سبيل المثال : إعادة ترميم مستوصف أو مدّ خط كهرباء من منطقة إلى منطقة قريبة جداً ، هذه الأمور التي لا توازي حجم الكارثة التي حصلت ، وهنا أودُّ الإشارة إلى أنه في عام ٢٠١٦ قدّمتُ طلباً إلى رئاسة برلمان العراق باعتبار شنكال منطقة منكوبة وبالفعل تمّ التصويت على هذا الأمر وهذا يحتّم أو يلزِم الحكومة العراقية قانونياً بأن تقوم بإعادة إعمار المنطقة؛ فكان مجرّد تصويتٍ على اعتبار أنها منطقة منكوبة لكن وللأسف دون أيّ تحرْكٍ في هذا الملفّ حتى الآن.
بعض الإعمار الذي حصل خاصةً في القرى التي تقع في شمال قضاء شنكال كان إمْا بمساعدة حكومة إقليم كُردستان أو بمساعدة بعض المنظمات الدولية التي قامت بنوعٍ من الترميمات أو بناء بعض المساكن أو شيء قليل جداً ، وهذه المسألة هي في غاية الأهمية لأننا نحتاج لإعادة إعمار هذه المناطق وتوفير الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء و المدارس والمستشفيات ، و ذلك لتشجيع الناس للعودة إلى مناطقهم وبيوتهم فهم نازحون منذ أكثر من خمس سنواتٍ، يعيشون في المخيّمات ، هذا الوضع أصبح متعباً جداً لهؤلاء الناس ؟ لكن يبقى الموضوع الأهم في مسألة إعادة الإعمار هو مشكلة المصالحة المجتمعية في هذه المناطق ، فلو أعيد بناء شنگال كلّها بأفضل الطرق ، سنظلّ بحاجةٍ إلى إعادة بناء الثقة التي فُقِدت في هذه المناطق نتيجةً لما حصل عند غزو داعش وكيف أنّ بعضاً من هذه القرى المحيطة بشنكال والتي كانت تربطنا بهم علاقة أخوة وكانوا – كرفاننا – وكريف الدم- كيف تآمروا مع داعش ضد المكوّن الإيزيدي .
السؤال الثالث
بين حينٍ وآخر تصدر أصواتٌ تسعى لأن تجعل من قضية شنكال قضيةً دينية بحتة، وتريد عزلها عن قضيتها القومية، وبعضهم يسعى بكلّ أسفٍ، لفصلها عن الإقليم.. ما رأيكم في ذلك؟
الجواب:
بالنسبة للسؤال الثالث طبعاً لن نتحدّث بعواطفنا أو بالشكل الذي نرغبه بل سنتحدّث وفق الدستور والدستور الذي يحكم الجميع ، هناك مادة دستورية هي المادة ١٤٠ يجب أن تُطبَّق ولو أنها طُبِّقت حينها في وقتها منذ ٢٠٠٧ / ٢٠٠٨ لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم ، مادةٌ مهمّةٌ، وحينما تُطبٌّق لا شكَّ لدي مطلقاً بأنّ . شنكال ستكون ضمن إقليم كُردستان ولا يمكن فصلها عن هذا الموضوع ، هذا من الناحية الدستورية والقانونية ولكن لو تكلّمنا من الناحية الأخلاقية والواجبات و الحقوق فلننظر إلى شنكال مَنْ الذي قام بتعمير شنكال في الفترة الأخيرة؟
مَنْ الذي فتح أبوابه للنازحين من أبناء شنكال والإيزيديين بعد الذي حصل لهم في غزو داعش ؟
هل الموصل فتحت أذرعها ام إقليم كُردستان؟
هل أعارت الحكومة الاتحادية أهمّيةً لشنكال ؟ أهمّيتها الدينية و الجيوسياسية والإقليمية وعند الكارثة التي حصلت لها، مَنْ الذي أعارها الاهتمام حكومة بغداد أم حكومة إقليم كُردستان؟
هذه الأمور كلّها تدور في أذهان أهالي شنكال وبالتأكيد عند تطبيق المادة ١٤٠ سيعرفون مَنْ هي الحهة التي ستكون داعمةً لهم والتي تكون حريصةً عليهم والتي ستحميهم من أيِّ مخاطرَ قد تحصل لهم مستقبلاً كما حصل لنا في ٢٠١٤.
السؤال الرابع
الأستاذة فيان دخيل في خاصية المرأة الكُردستانية عامةً.. ما رأيكم في نضال المرأة الكُردستانية؟
وهل ترون بأنها تؤدّي دورها المطلوب؟
الجواب:
طبعاً اليوم. ١٢/٥ هو يوم إعدام المناضلة الكُردستانية الشهيدة ليلى قاسم ، قبل ٤٦ سنةً وفي مثل هذا اليوم عندما تمّ إعدام المناضلة ليلى قاسم وزملائها على يد الدكتاتورية وتمّ إعدامها لأنها بقيت ثابتةً على مواقفها و مبادئها حول قضيتها، هذه هي المراة الكُردستانية، و كثيرة هي الأمثلة ، نضال المرأة الكُردستانية الآن وإذا تكلمت عنه في كُردستان العراق،، نجد أنّ دورها كبيرِ الآن في السياسة والإقتصاد والازدهار، ولها دورٌ مهمِّ جداً ، فنضال المرأة الكُردستانية كان ولا يزال وسيبقى لأنّ هذا ديدنها ، ولقد كان لفترةٍ مضت نضالُ الجبل ونضالٌ ضدّ الدكتاتورية، ولكن الآن النضال يأخذ منحىً آخر وشكلاً آخر، من أجل تثبيت الحقوق ومن أجل إظهار المرأةٍ الكُرديةِ القويةِ المدافِعةِ عن حقوقها وحقوق أبناء شعبها.
السؤال الخامس
سؤالنا هذا ذو شقّين الأستاذة القديرة:
– كيف ترون آفاق ومستقبل القضية الكُردية بشكلّ عامٍ؟
– ما هو الحلُّ الأمثل للقضية الكُردية في سوريا بعد الظلم الكبير الذي عاناه من الأنظمة المتعاقبة…؟
جواب الشق الأول:
لا شكٌّ ولا جدالٌ ولا خلافَ حول الأمة الكُردية و خصوصيتها وقضيتها وإرثها وتاريخها وجغرافيتها وعمق أصالتها وكلّ ما تتميّز بها من لغةٍ وعرقٍ وكلّ ما تتميّز بها هذه الأمة لا خلافٌ عليه،
إنّ لها خصوصيةً في هذه المنطقة يشهد لها العدو والصديق ، لكننا نعرف بعد الظروف والأحداث التي حصلت بعد الحرب العالمية الأولى والتقسيم الذي حصل في الشرق الأوسط وعلى هذا الشكل حالت أن تكون للكُرد دولةٌ ولكن هناك متغيّراتٍ بالتأكيد وربّما متغيّرات سريعة في الآونة الأخيرة، ولا بدٌّ أن يصحَّ الصحيح وتتغيّر هذه الأمور وسنجد قريباً أو نتمنّى أن نجد لهذه الأمة قريباً دولةً، حالها حال الأمم الأخرى .
جواب الشق الثاني:
صحيح أنّ الكُرد في سوريا تعرّضوا للكثير من الظلم والاضطهاد على يد الأنظمة المتعاقبة، حتى أنني أعرف أنّ الكثيرين منهم. لا يحمل الهوية الشخصية ، للأسف هذا ظلمٌ وقع عليهم، لكن ربّما وبرأيي الشخصي و كمرحلةٍ أولى نستطيع أن ننظر مثلاً إلى تجربة إقليم كُردستان العراق، رغم كلِّ ما رافقها من مآسي وظلم و تبعات وظروف استثنائية، لكن كانت تجربة رائدة في منطقة الشرق الأوسط، أثبت بها إقليم كُردستان كاقليمٍ دستوري ونظامٍ فيدرالي في العراق خلال هذه السنوات بأنه قوة، وأسّس لإقليمٍ قوي ومزدهرٍ توطّدت فيه خطوات الإعمار والازدهار و الأمن، يشهد بها الجميع ، وهو الآن بمصافِ الدول المتقدّمة رغم أنه إقليمٌ، أعتقد أنها تجربةٌ مهمّةٌ جداً، ولا بأس أن تكون التجربة الثانية هو الإقليم الكُردي – الكُردستاني في سوريا كخطوةٍ أولى حتى ينالوا حقوقهم حتى يثبتوا أنفسهم وهويّتهم، وياليت أن يكون هناك نظام في سوريا يحمي حقوق الكُرد في سوريا، كما هو في العراق رغم كلّ المشاكل التي لاتزال لدينا مع الحكومة الإتحادية ، لكن استطعنا أن نثبت بقوّةِ قياداتنا في إقليم كُردستان بأننا الجبهة الأقوى في العراق لايمكن زحزحتها ، السيد الرئيس مسعود برزاني قائد مهم وزعيم قومي مهم في العراق، لا تخطو أية حكومة أو دولة العراق خطوةً بدون أخذ رأي أو موافقة الزعيم مسعود البرزاني، هذا مهمٌّ جداً، وهذه تجربة رائدة ورائعة في منطقة الشرق الأوسط ،والعلاقات الدولية التي يمتلكها إقليم كُردستان ربّما حتى الدولة العراقية لا تمتلكها مع الدول الإقليمية والمجتمع الدولي.
تجربة مهمة أتمنى أن تتكرّر في سوريا كبداية خطوات الحلّ على الأقل في الوقت الحالي .
بإسم هيئة التحرير لجريدة (يكيتي) نتقدم بالشكر لضيفتنا الأستاذة فيان دخيل مع كل التقدير .
الحوار منشور في جريدة يكيتي العدد “274”