لماذا تأخرت نجاح الثورة السورية ؟؟
حسين أحمد
عندما بدأت الثورة لم يتوقع ثوار سوريا هذا المستقبل لثورتهم لم يكونوا على علم ودراية كافية لمجريات الأحداث والمدة الزمنية التي ستستغرقها الثورة ربما لانبهارهم واحتفالهم بنشوة النصر للثوار في تونس ومصر .حيث أخذت الأحداث في سوريا منحى مختلف وأكثر قساوة وأشرس مواجهة .
الأسباب وراء تأخر نجاح الثورة كثيرة يمكننا تقسيمها على المحاور التالية :
1-أسباب متعلقة بالثورة والثوار :
هذه الأسباب متعلقة بالمعارضة السياسية التي تصدرت المشهد منذ الأشهر الأولى وتسلقت على أكتاف شباب الثورة لتعاني فيما بعد من التشرذم و الانقسام الفكري والسياسي ,ومواقف الثوار المتباينة من سلمية وعسكرة الثورة .
أسباب أفرزها الوضع الدولي
مواقف الدول العظمى (أمريكا – روسيا ) والدول الأوربية وتركيا وبعض الدول العربية (قطر – سعودية ) ولعل التدخل التركي ومصادرته الثورة وفق أجندات مصالحها الدولية من أبرز الأسباب الخارجية لإخفاقات الثورة السورية حيث تحولت الأرض السورية إلى رقعة الشطرنج كلٌ يدير الرقعة ويحرك الدفة حسب مصالحها تارة تتحارب لتصفية الحسابات وتارة تتفاوض لقضم اللقمة الأكبر من الوليمة المقامة على الأرض السورية فدخلت سوريا المزادات الدولية .
أسباب متعلقة بطبيعة النظام الحاكم .
تكمن هذه الأسباب في طريقة النظام في التعامل مع مجريات الأحداث من انتهاج سياسة القمع والتنكيل وصولاً إلى الرؤية الانتقامية لرسم حل للأزمة وإحكام القبضة الأمنية وانتهاج سياسة فرق تسد هذه السياسة التي انتهجها الأب ليسير على دربه الابن ولعل من أهم ما قام به النظام في إفشال الثورة هو اعتماده على الانقسام الدولي والإقليمي الحاد في المواقف بالإضافة إلى اعتماده على فكرة الطائفية وسعيه منذ اللحظات الأولى للثورة على جر الثورة إلى ساحة العسكرة وخندقتهم في مستنقع السلفية والإرهاب عبر إطلاق سراح المتشددين من التنظيمات التكفيرية أمثال محمد الجولاني وغيرهم من سجون عدرا وصيدنايا وتسهيلات لفتح الحدود السورية بطريقة ممنهجة لدخول الإرهابيين والتكفيريين من كافة دول العالم إلى سوريا .
من أين أستمد النظام السوري قوته في قمع الثورة ؟؟؟
كما أشرنا سابقاً بأن النظام لعب دور مهم في عرقلة مسار الثور ونجح إلى حد كبير في وأدها وتغير اتجاهاتها وأحال دون تحقيق الأهداف التي خرجت من أجلها وهذه الإمكانية التي يمتلكها النظام ليست وليدة اللحظة ولم تكن مصادفة بل كانت نتيجة حتمية لسلسلة عوامل وسياسات مورست على الشعب السوري على مر سنوات حيث كان القمع والاستبداد سيد الموقف في الشارع السوري (قمع الحريات – حملات الاعتقالات التعسفية – تقييد الصحافة – احتكار الشارع السياسي – التفرد في السلطة – تأليه الرئيس …الخ ) كلها سياسات قبل الثورة مما أدى إلى إنتاج معارضة غير ناضجة فكرياً وسياسياً وغير موحدة .ومركز أخر يستمد منه النظام قوته وهي التي تكمن في سلسلة العلاقات والتحالفات الداخلية والخارجية للنظام سواء إقليمية أو الدولية فقد بنى النظام حول نفسه سوراً حماه من السقوط من خلال شبكة علاقاته وتحالفاته في الداخل السوري معتمد على ولاءات فردية وعائلية له وربط علاقات مع طبقات ارتبطت بوجوده وتصوير النظام نفسه حامي الأقليات والطوائف واعتمده على استثمار الزعامات العشائرية وابقاء مراكز الدولة ودوائر صنع القرار ضمن العائلة ومتوارثة هذا ما بني حوله محمية داخلية تحميه إذا تعرض إلى خطر السقوط
وأما إقليمياً :
فقد بنى النظام السوري علاقات وثيقة وعميقة مع دول إقليمية وأهمها إيران الذي أقام معها حلف على أساس التقارب الطائفي والإثني من ناحية ومن ناحية أخرى مطامع إيران وأحلامها التوسعية لمشروع الهلال الشيعي الطائفي ولعل إيران هي اللاعب الأساسي في لعبة الحفاظ والإبقاء على النظام السوري بالإضافي إلى اللاعب الروسي الذي سال لعابه بالوعود الاقتصادية له في المنطقة والانقسام في المواقف الدولية ولا سيما تردد الرئيس باراك اوباما وانتهاجه أسلوب طاولة الحوار مما أدى إلى استفادة النظام من حالة الانقسام الدولي في الحصول على الدعم الروسي اللامحدود حيث شكلت روسيا حلف دولي لمواجهة الولايات المتحدة ويضم الحلف روسيا والصين وإيران وغيرها من الدول التي دعمت النظام السوري سياسياً فكان الفيتو الروسي بالمرصاد ومن خلفهم الصين لكل قرار يحاول إدانة ممارسات النظام في مجلس الأمن رغم تجاوزها الخطوط الحمراء بما فيها استعمال السلاح الكيماوي المحرم دولياً فبقي المجتمع الدولي عاجزا أمام قوة علاقات النظام .
الخاتمة
حاولنا من خلال هذه مقالة أن نسلط الضوء على بعض دلالات الثورة من خلال بحث تحليلي وسرد لوقائع محاولين فهم مجريات أحداث لم نكن نرى مشاهد شريط الأحداث بهذا الوضوح بعد مرور أكثر من تسع سنوات على انطلاق أول شرارة للثورة في تونس وامتداده إلى الآن في عام 2020 ونحن لا نزال نكتب ونحلل ونفك رموز وشيقرات ونجمع بيانات أحداث جرت ونسقط أحداث على أحداث لتكوين رؤية للمستقبل في منطقة الشرق الأوسط.
من جريدة يكيتي عدد 284