آراء

شرعنة وأد الأنثى حقوقياً

ليلى قمر – ديريك

لعلها الأنا المتضخمة وبعجرفةٍ فظيعة ، هي المسؤولة عما أنتجته مطرقة لا الحاكم بل المتحكّم في صياغة وإصدار القرارات في المجتمعات الذكورية ، هذه المجتمعات التي تأسّست وتمرّست في خاصية ذي هيكلية صلبة في مواجهة – الحدّ من إمكانية بروز وتصقل كما المساواة ، ولمجرد التفكير حتى في خروج المتهمة الأبدية من شرنقة قرائن واتهامات المحكمة التي نصبها الذكر ، وبنى سجوناً حوطها بالقضبان وقد بنيت على عتبات قوية متشابكة ، وجدران محوطة بخنادق تحجب عنها الشمس والفضاء المنفتح ، فتميت فيها أو تضمر الحيوية والنشاط ، لتبدو أشبه بحقلٍ أو حديقةٍ مهجورة ، متعطشة لقطرات مطرٍ تأبى أن تتهاطل رغم تلبّد السماء بغيومٍ داكنة أقرب ماتكون إلى الغضب منها إلى المزنة ، ولربّما إلى الاستسقاء منها إلى الجفاف ، ولكنّ بنيتها تتخلخل فتصبح أقوى قرباً من الجفاف كتوكيدٍ لتلك الجفاء بعطالتها الموروثة والمستدامة لجملةٍ من الوصايا والأحكام المشرعنة وضعاً في جلد المرأة ونبذ حقوقها في المساواة ، وتكييف الأجمل من بين تلك الحقوق الممنوحة كمجرد فضاءٍ ديكوري لا أكثر ، ولهذا تتساقط كلّ الأقنعة المغلّفة بكلماتٍ وجمل منتقاة ، ينتهي مفعولها مع لحظة النطق بها .

في علم النفس التطبيقي منه والنظري ، هناك مسلمة هامة تقول بأنّ كلّ روحٍ تهوى الحرية ، وتسعى إليها مهما كانت الظروف ، فتصبو بكلّ طاقاتها لتنجز مهام السبيل إليها ، وعلى قاعدتها تحقيق ما ترغب أو تراها المهم لها . ولكن ؟! في حالة الانثى ! هذا البند ترفضه الأنا الذكورية ! .. وحين المطالبة .. مجرد المطالبة في ترجمة مبدأ الحقوق في المساواة والندّية ، وأمام هذا المطلب المشروع ، والدعوة لتوثيقها وقوننتها للممارسة ، تتتالى صيغ الاستهداف الممنهج ليتمّ إسقاطها كحملٍ غير مرغوب فيه أبداً ، فتتوحّد غالبية التوجّهات وتسعى بكلّ جهدٍ إلى إجهاضها . وهنا علي التأكيد بأنني لا أكتب هنابدافعٍ عدواني أو كردّة فعلٍ ، بقدر ماهي حشرجة صوتٍ قُمِعَ عبر أزمانٍ وعصور وتلتها مراحل ولم تزل ، إلى درجةٍ باتت كثير من النساء تفكرن بأنها تنفيس / تنفيذ كامن لحقد راكمته الأجيال المرهقة في طرائق تفكيرها ، هذه الأجيال التي تربّت وفي وعيها المتكلّس كتلٌ من حقدٍ وعقد نقصٍ تراكمت عليه ، فبات لا يرى في الأنثى سوى عبدة له مهما تكن صلة وصله بها ، وعلى أرضية تلك العقد السايكولوجية تحطّمت كلّ قوانين الأرض والسماء في المساواة بين الجنسين ؟! . وقبل أن يخطر في ذهن أيٍّ كان ؟! – أؤكّد بأنّ هذه الكلمات ليست بعناوين أو شعارات تصرخ بها المرأة ! بقدر ماهي ممارسات وأفعال تُمارَس على أرض الواقع وفي مختلف مجالات الحياة .

هي عِبرٌ من قصصٍ وحكايا مورست ولم تزل على أرض الواقع ! هي صرخاتٌ أدوّنها عن تجارب تحطّمت فيها الآمال وتاهت في خضم موجٍ تناوبت فيها عروض المدّ والجذر الذكوري ! فتطرح من جوانية كلّ امرأةٍ أكثر من سؤالٍ، وللعديد من القضايا الجارحة ! ويتعالى الصوت الأنثوي المكبوت : أولم يخلق الله الذكر والأنثى سواء ؟ أم أنه خلق الذكر فقط وفضّله ؟ . ومن ثم جعل الأنثى جاريةً لتلبّي رغبات الرجال وما تصبو إليه شهواتهم ونزواتهم و.. غطرسة ذكورية يستحيل معها سماع كلمة لا ؟! .

في تجارب حالتي السلم والحرب تشابهت أدوار المرأة فيهما ، وإن اختلفت فيها بعض من الرتوش ! ..

في السلم قبعت المرأة في سجن المستلزمات المتوجّبة عليها تهبها للرجل جاهزةً دونما كللٍ أو ملل .

في الحروب تنتهي آدمية المرأة مجرد حظوة الرجل بنشوته وتلبية رغبات بعضها ترتقي للغريزة الحيوانية ، وتقبع بعدها في رداء الصمت ذليلةً صامتةً وهي تدرك بأنها انتهُكت شرعاً في كلتا الحالتين .

أجل ! كثيرون سيتصوّرون بأنها صور جارحة للأنثى ؟! .. نعم .. ولكنها انتهاك لروحانيةٍ مستدامة لها في كلّ العصور ، وإن تميّز كلُّ عصرٍ بماركة أو موديل وأسلوب جديد، فتبقى المرأة هي التي خُلِقت لأجل الرجل والرجل فقط .

 

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “299”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى