داعش و’’ حصان طروادة ’’ في تل أبيض
محمد رمضان
الهدنة التي دعت إليها كل من روسيا و الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا بهدف الوصول إلى صيغة مشتركة لوقف حمام الدم في دخل حيز التنفيذ بين القوى المعارضة المسلحة والنظام السوري من جهة أخرى حيث تم استثناء كل من تنظيم الدولة الإسلامية ’’ داعش’’ وجبهة النصرة وبعض الجماعات من الكتائب الإسلامية الراديكالية من الهدنة.
وفي خطوة استباقية قام بها تنظيم الدولة الإسلامية بعدما تحدث أحد المسؤولين الأمريكيين في البنتاغون عن وقت قريب بأعداد حملة على ولاية الرقة عاصمة الخلافة الداعشية وذلك بالتزامن مع الساعات الأولى من الهدنة نشطت خلايا نائمة لتنظيم الدولة في كل من بلدة السلوك وعين العروس وتل أبيض وقرية حمام تركمان بريف محافظة الرقة شمال شرق البلاد لخلط الأوراق وتوجيه ضربة قاسية للقوات سوريا الديمقراطية على الخطوط الخلفية لتلك القوات ويهدف تنظيم الدولة من تلك العمليات إلى إيجاد منفذ حدودي لها لتنشيط الحركة التجارية لديها لاسيما تجارة النفط ومشتقاتها عبر الحدود التركية حيث كانت بوابة تل أبيض ’’كري سبي’’ في الصيف الماضي مصدراً اقتصادياً هاماً للتنظيم بعد ما استولت عليه قوات الحماية الشعبية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقال أنه الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني ’’ التركي ’’ وبعض الكتائب من الجيش السوري الحر و ثوار الرقة وكتيبة شمس الشمال بغطاء جوي من قبل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة, وبذلك خسر تنظيم الدولة الكثير من منافذ الحيوية ومصادر التمويل الذاتي لاسيما معمل الغاز في ’’جبسة ’’ وبعض أبار النفط بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا منذ فترة وجيزة هذه المادة تغطي حاجة محافظة الحسكة عن طريق تعبئة الاسطوانات بوحدة التعبئة الموجودة ضمن المصنع، وعندما يعمل حقل السويدية بالطاقة القصوى وبنظام 3 ورديات يبلغ معدل تعبئة الاسطوانات بحدود (16000) اسطوانة يومياً . لسد العجز الاقتصادي الذي يعاني منه تنظيم كما أدلى بها أحد أسر من مقاتلي تنظيم على شاشة قناة روداو الكردية في كردستان العراق بعد ما وقع أسيراً بيد قوات البيشمركة الكردية قرب الحدود السورية العراقية, وهنا نجد أن تنظيم الدولة لديها القدرة في التحرك بأي وقت يريده في المناطق التي خسرها في وقت سابق كما حصل في مدينة كوباني الكردية ’’ عين العرب ’’ في شمال سوريا في ليلة 25يوليو من عام الماضي والتي راح ضحيتها أكثر من400 شهيد في مجزرة جلهم من نساء وأطفال وكبار السن حسب توثيق النشطاء المدنيين لتلك الأرقام المخيفة وغيرها من مناطق الأخرى كما يحصل في تل أبيض الأن لذلك يستوجب الحيطة والحذر في المناطق التي يخسرها تنظيم الدولة تحسباً لأي عمل انتقامي يقوم به حاملي الفكر الداعشي بارتكاب جرائم بصورة خاصة بين المدنيين وبالتالي لابد من أتباع عدة خطوات في هذا الاتجاه على سبيل مثال فتح مراكز التوجيه والتأهيل وإرشاد النفسي وهذه الخطوة تقع على عاتق من يسيطر على المناطق المحررة من تنظيم الدولة بتعاون مع المنظمات المهتمة في هذه المجال كذلك اللجان الشعبية والحقوقية والمجتمع المدني للعمل بما فيها ومنهم رجال الدين بإظهار الصورة الحقيقة للإسلام بعدما شوهتها بالفعل الأعمال التي يقوم بها التنظيم تحت راية الإسلام من القتل والنهب واغتصاب والأعمال المنافية للأخلاق الإنسانية باستقلالية التامة بعيداً عن مزايا السياسية لوصول للأهداف المنشودة بتجنب الفكر المتطرف وانتقامي بين الجيل الشاب من في دون الثامن عشر بعدما تكونت لديهم ثقافة القتل والدم في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة منذ أول ظهور لها في شمال وشمالي شرقي من سوريا كما وصل الحال بين أبناء العائلة الواحدة بين مؤيد ومعارض لتنظيم الدولة .
بالنتيجة أن المنطقة مقبلة على كارثة إنسانية أن لم يتحرك العقلاء و أصحاب الفكر الإصلاحي والتنويري في إنقاذ الجيل الجديد من فكر التطرف الديني لقطع الطريق أمام حصان طروادة وإيجاد الحلول الإسعافية للأمراض المزمنة التي خلقها تنظيم الدولة.