الحظر الجوي.. الواقع والمأمول
مروان عيدي
في ٢٣ كانون الثاني عام ١٩٨٠ وقف الرئيس الأمريكي جيمي كارتر أمام الكونغرس قائلا”: إن أية محاولة من جانب القوى للحصول على مركز سيطرة في الخليج ستعتبر في نظر الولايات المتحدة هجوماً على المصالح الحيوية بالنسبة لها، وسوف يتم رده بكل الوسائل بما فيها القوة العسكرية، وعرف هذا التصريح بمبدأ كارتر.
سوريا وتحديدا المناطق التي يتواجد فيها أمريكا ومنها مناطق الجزء الكردستاني الملحق بسوريا ليست بعيدة عن هذه السياسات فهناك العديد ممن يسعون للحصول على مراكز السيطرة المطلقة في ظل غياب الدولة بمؤسساتها كتركيا وإيران لما لهذه المناطق من أهمية بحكم موقعها الجغرافي التي تقع في منطقة تشكل أكبر منتج للنفط والطاقة والحبوب والقطن في سوريا ويجمع بين النفط وتوافر المياه العذبة من نهري دجلة والفرات وهي ميزة تدركها أمريكا والتحالف الدولي.
مبدأ كارتر الآنف الذكر دفعت بأمريكا بعد إنتهاء حرب الخليج الثانية عام ١٩٩١ إلى جانب حليفتها بريطانيا إلى فرض حظر جوي داخل العراق عامي ١٩٩١ و١٩٩٢ وعرف فيما بعد بمناطق الحظر الجوي في شمال العراق.
ففي مطلع نيسان عام ١٩٩١ قدمت فرنسا بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي تطلب فيه إدانة القمع العراقي للكرد في الشمال عقب ثورتهم على حكومة بغداد المركزية أثناء العمليات العسكرية لحرب الخليج الثانية فصدر قرار من مجلس الأمن الدولي رقم 688 لعام 1991وفرضت بموجبه حظرا جويا على شمال العراق وحماية الكرد، والسماح للمنظمات الإنسانية والإغاثية على التجاوب مع احتياجات الكرد الذين هاجروا إلى إيران والجبال وتركيا.
وبالنظر إلى الظروف التي مر بها الكرد في جنوب كردستان بين عامي ١٩٩١ و١٩٩٢ ومقارنتها وتشابهها إلى حد بعيد مع ما يعانيه الكرد في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا ابتداءً بالهجرة والتهجير المخيف لهذا المكون الرئيسي في هذه البقعة وتحديداً إلى جنوب كردستان و تركيا والغرب الأوربي ناهيكم عن الاحتلال التركي لعفرين وتهجير أبنائها وعمليات الخطف والقتل اليومية بحق أبنائها والتغيير الديمغرافي وتوطين العرب الوافدين إليها، بالإضافة إلى الممارسات القمعية لحزب الاتحاد الديمقراطي (جزء من منظومة ب ك ك) من تهجير واعتقال وتطبيق الإجراءات الشوفينية للأنظمة الغاصبة لكردستان ، بالإضافة إلى الدفع بأبناء الشعب الكردي إلى المحارق وتقديمهم قرابين على مذابح مصالح استخبارات الدول الغاصبة لكردستان. وفرض المناهج الأيديولوجية والتجنيد القسري الذي دفع بشعبنا إلى الهجرة القسرية.
وبالنظر إلى حالة الصراع الدائرة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني واتفاق الطرفين المبدئي على نقل صراعهم من الساحة الرئيسية التركية إلى مناطقنا وما رافقها من قتل وتدمير، لذا بات لزاما” على تلك الدول التي تبنت وقدمت مشروع القرار إلى مجلس الأمن بفرض الحظر الجوي على شمال العراق أن تعيد التجربة من جديد بتقديم قرار مشابه إلى مجلس الأمن الدولي وتحت الفصل السابع، وفرض حظر جوي وجعل مناطقنا آمنة ومنزوعة السلاح ليتمكن أبناء هذه المناطق من إدارة أنفسهم وتشكيل إدارات منتخبة ديمقراطيا من أبنائها، ومكونات غرب كردستان، وليثبت الغرب حقيقة أنهم قادرون على حماية شعب بات مهدداً بالوجود.
المقالة منشورة في جريدة يكيتي العدد “264”