آراء

واقع المواطن السوري

بهجت شيخو

يعيش المواطن السوري في أسوأ حالاته في الوضع الراهن ، سواءً إن كان هذا المواطن يتبع للسلطات التابعة في المناطق التي يسيطر عليها النظام أو الإدارة الذاتية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الpyd أو المناطق الشمالية التابعة لهيئة تحرير الشام أو تلك المناطق التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا و التي تدّعي أنها مناطق محرّرة .

ففي ظلّ انهيار الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي و سوء الإدارات التي تتبع لجموع السلطات المتنفذة المذكورة أعلاه أهلِك المواطن السوري في الحصول على متطلبات المعيشة اليومية و تأمينها لأسرته في حدود الحياة المعقولة؛ للعيش المتواضع و المقاومة أمام الجوع الذي بات قاب قوسين أو أدنى .

فأصبحت مثلاً عادة التسول موضة عصرية في كلّ شارع و لا يحتاج المتسوّل لبتر ساقه أو يده ، و إنما هو واضح من تلافيف وجهه و حزنه فيشكو أن أسرته بحاجة لربطة خبز أو بعض اللباس ؛ حتى يقيهم برد الشتاء و تجرّ الحالة هذه و عشرات الحالات أيضاً بأنه كم هم عدد المرضى الذين يخرجون يومياً من الصيدليات دون أن يحملوا أكياس أدويتهم لأنهم لا يملكون ثمن الوصفة الطبية ( الراجيتة ) و يتركون أنفسهم أو أحد أبنائهم او زوجاتهم أمام رحمة الله .

و في هذا المجال أيضاً القائمة تطول فكم أسرة تنام جائعة أو قد يحالفها الحظ لأن تجد في إحدى الحاويات كيساً من بقايا طعام لأحد الأسر الميسورة .

و قد يضطرّ بعضهم لبيع إحدى كليتيه حتى يستطيع تأمين نفقات ابنه أو ابنته الجامعية أو حتى يؤمّن أجرة السفر لخارج القطر .

و كما يشاهد بشكلٍ يومي طوابير السيارات التي تنتظر دورها في تعبئة مادة البنزين أو المازوت فقد يمضي بهم اليوم كاملاً و قد لا يصله الدور فيرجع خائباً لمنزله و إذا ما استعان بالسوق السوداء فقد يكلفه أضعاف السعر المحدد .

و اما عن جرة الغاز فهذه من أكبر المحرّمات و من أكبر التعقيدات التي تواجه المواطن السوري حالياً فقد يصل سعرها أحياناً ل 150 الف ليرة سورية أو اكثر .

و أما عن الكهرباء فقد اعتاد المواطن السوري لأن يتأقلم مع الظلام و يستغني عن المصباح الكهربائي و المكواة و سخان الماء و غيره

و اما عن المدفأة ففي بعض المناطق تعتبر ديكور شتوي، و لا بدّ من تجمع الأسرة حولها ، و لكن تبقى النكهة باردة جداً لا تصلح لسرد قصص الجد و الجدات بسبب عدم توفر مادة المازوت .

و باختصار يعيش المواطن السوري في حالة رعب شديد فإن كان أعزباً لا ينوي الزواج و إنما كلّ همه هو الهجرة للخارج، و إن كان رب أسرة فسيلعن اليوم الذي تزوج فيه، و إن كان موظفاً فسيندم على كلّ لحظة لم يرتشِ فيها، و إن كان قاضياً فسيكفر باليوم الذي تعيّن فيه ..

حقيقةً وصلت الحال بسوريا عقب هذه الحروب الأهلية الطاحنة و العبثية لظهور فئات غنية تمتلك المليارات و تسمّى بتجار الأزمات أو الحروب و طبقة واسعة من الفقراء تمثّل أغلبية الشعب .

و من هنا و بصراحة لم يبقَ لمواطني سوريا الشرفاء معارك تعيدهم للمناورة من جديد، وأصبح هذا الوطن يلتهم من أجساد مواطنيه.

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “317”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى