يكيتي تحاور المحامية والناشطة الحقوقية شهناز شيخة
س1
أستاذة شهناز: لك تجارب حقوقية مع منظمات مهتمة بحقوق الإنسان وأنت ناشطة في المركز الكُردي للدراسات و الاستشارات القانونية- ياسا … إلى أيّ مدى انعكس نشاطكم في التأثير على الرأي العام ؟
من المهم أن أتحدّث عن بعض أوجه نشاطنا كمركز ياسا : لقد ركّزنا في نشاطنا على العمل من أجل تنمية الوعي بحقوق الإنسان و القضية الكُردية في سوريا، ولمسنا تأثيراً كبيراً على الرأي العام في ظل حاجة المجتمع لما تلقّيناه من خبرات و تدريبات على يد مدرّبين دوليين، و قمنا بدراسات وأبحاث في مجال القانون الدولي و حقوق الإنسان وإسقاط ذلك على القضية الكُردية، فقد نظّمنا دورات مكّثفة في مجال التدريب الإداري و القضائي و الإعلامي في مناطقنا الكُردية و إقليم كُردستان بالإضافة لذلك أعددنا ندوات و محاضرات حول القضية الكُردية و دور المجتمع المدني في الرقابة في استنبول بحضور بعض أعضاء الإئتلاف و رئيسه غسان هيتو في ذلك الوقت. كذلك قمنا بندوات في الداخل بمشاركة الأحزاب الكُردية و قمنا ببذل الجهود لتتشارك الأحزاب الكُردية من مختلف التيارات السياسية ، لقد أردنا خلق الفرص لتتحاور الأحزاب الكُردية ، كما أعددنا ندوة مشتركة حول القوانين و المعاهدات التي تخصّ العنف ضدّ المرأة و حقوقها بمشاركة زملاء محامين من كلا التيارين الكُرديين
طبعاً كلّ فردٍ في ياسا يقوم بإعداد الندوات التي يديرها و ننطلق من مبدأ أنّ كلّ منّا هو منظمة بحد ذاته و نتبنّى الثقة و نتبادلها تجاه زملائنا. لقد كان لذلك تأثير كبير على الرأي العام. من ضمن ما برهن لنا رضا المجتمع الكُردي و ارتياحه لما نقوم به هو حين تمّ اختياري كأفضل شخصية حقوقية بالإضافة لزميلين محاميين آخرين في إحدى الاستبيانات التي قام بها موقع كُرد ستريت ، و هذا يعني أنّ الجهد الذي نبذله في هذا المجال لا يذهب سدىً، بل يجده المجتمع ضرورة وهو ما أسعدنا أن نقدّم شيئاًحقيقياً بدون أي هدف للربح أو الوصول للسلطة و كتجسيد حقيقي لنا كمجتمع مدني، فنحن منحازون فقط لحقوق الإنسان و نركّز على حقوق الإنسان الكُردي .
الناحية الأخرى لهذا التأثير على المستوى السوري و الأممي لمستها حين تلقّيت في عام 2017 اتصالاً هاتفياً من مكتب المبعوث السابق ستيفان ديمستورا، بأنهم تابعوا نشاطي الحقوقي و تمّ دعوتي للعمل معهم كإحدى ممثلي المجتمع المدني الكُردي في غرفة دعم المجتمع المدني والتي من خلالها استطعت شرح القضية الكُردية و معاناة الكُرد للنشطاء السوريين الذين أكّدوا تضامنهم كمجتمع مدني سوري مع القضية الكُردية. كذلك بالنسبة لممثلي و سفراء الدول الأوربية و الدول الداعمة لسوريا و المانحة لغرفة دعم المجتمع المدني ، في الحقيقة إنهم في أول لقاء لنا بهم تفاجأوا بمستوى النشطاء الموجودين في الغرفة، فمعظمهم قادة أو مديرون لبرامج منظماتهم، منذ ذلك الحين بدأوا ينصتون لرسائلنا بمنتهى الجدية و بدأوا بتوسيع آفاق اهتمامهم بالغرفة
س2
لقد عملتم في غرفة دعم المجتمع المدني لفريق المبعوث الأممي ديمستورا سابقاً وبيدرسون حالياً..كيف تقيّمون دوركم في هذا المنعطف الأممي ؟ وهل تلمّستم الجدية لدور المجتمع المدني في ظل تزاحم السياسيين لاختزال مفاصل الأزمة السورية بكياناتهم وأطرهم ؟
ربما علي أولاً أن أتطرّق لمفهوم المجتمع المدني كمفهومٍ حديث نسبياً رغم أنه من الناحية الواقعية موجود منذ القدم في الحياة العامة للإنسان ككائن اجتماعي و لعلّ أول إشارة له كان في الفكر اليوناني الإغريقي حيث أشار إليه سقراط عندما قال: إنّ الإنسان مدني بطبعه لأنه يملك الشعور بالخير و العدالةو أنّ سعادته تتحقّق في العيش الجماعي في ظلّ المدنية..، فيمكن تعريف منظمات المجتمع المدني بأنها مؤسسات اجتماعية، ثقافية، حقوقية ، اقتصادية تطوعية حرة و منظمة غير هادفة للربح أو السلطة و هي فاعل سلمي تتبنّى قيم الخير و العدالة. و نحن نجحنا في تجسيد هذا الدور بشكل ملفت من خلال كوننا فاعلين سلميين هدفنا هو إيصال معاناة المدنيين في المناطق التي ننتمي لها، أما اختزال مفاصل الأزمة السورية فهو ليس دورنا، لكننا أيضاً بدأنا في بناء أول لبنات الضغط على المستوى المحلي و الدولي و لن أقول إننا نجحنا و لكن و نظراً لحداثة هذه المنظمات أجده خطوة جيدة، فنحن نتمتّع بمصداقية أكبر من كون أنّ المجتمع المدني غايته الإنسان و ليس السلطة. ، بالنسبة لتجربتي الخاصة لقد بدأت في أول اجتماع لي في غرفة دعم المجتمع المدني بحضور طاقم ستيفان ديمستورا حيث تحدّثتٔ إحدى الزميلات القادمات من دمشق بأنّ الكُرد يريدون تقسيم سوريا، عندها شرحت قضيتنا كشعبٍ كُردي و بأنّ الكُرد لا يتبنّون و لا بأي تيار في ايديولوجياتهم مبدأ التقسيم و لكنهم يريدون حقوقهم و حل قضيتهم وتضمينها في الدستور كبشرٍ تعرّضوا لأبشع أنواع التمييز العنصري و ربما كوني كاتبة يساعدني ذلك في اختيار مصطلحات أو ترجمة مشاعر أبناء جلدتي بشكل أعمق و أكثر تأثيراً حيث تحدّث معاون ديمسيتورا الدكتور و المحاضر الجامعي نيكولاي سلفادورمطولاً عن مدى قوة ما طرحته و مدى تأثير ذلك في الإقناع بقضيتنا، و لكن تبقى الكلمة و الدور للسياسة و ليس لنا كمجتمع مدني
س3:
ما هي أهم العوائق التي كانت – و لا تزال – تعترض سبيل نشاط ” المجتمع المدني ” في سوريا ، ما عدا عائق الاستبداد السياسي؟.
أهم العوائق التي تعترض سبيل المجتمع المدني هي أولاً: ضرورة بناء منظمات في بيئة ديمقراطية سليمة و ضرورة أن يفهم نشطاء هذه المنظمات المفهوم المدني وشروطه، ثانياً:يعتبر من أهم العوائق أيضاً هيمنة التيارات السياسية عليها، فنحن نعرف منظمات المجتمع المدني بأنها منظمات حرة، و لكن تقريباً لا توجد منظمات مجتمع مدني مستقلة و هو ما يكبح جماحها في أداء دورها بشكل صحيح و فعال،و ربما يظهر ذلك بشكل واضح في المنظمات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان
فنحن نقول إنّ المجتمع المدني هو فاعل سلمي و لكنه أيضاً يرفض الدولة الاستبدادية بكل أشكالها و مظاهرها، فكيف ستقوم منظمات تابعة لتلك الدولة بعملها في رفض الاستبداد. فالذين معنا و القادمين من دمشق لن يتمكّنوا من تبنّي مبدأ العدالة الانتقالية، في الوقت نفسه لن يتمكّن الزملاء القادمون من منظمات في تركيا من إدانة الاحتلال التركي و رفض ما تقوم به الحكومة التركية من تغيير ديمغرافي ممنهج لمناطقنا.العائق المهم أيضاً هو العمل المدني بهدف الربح هذا يسيء لمفهوم المجتمع المدني و يشوّه عمله المنطلق من قيم الخير وخدمة الإنسان.