آراء

* العولمة وسذاجة المتنمر*

جيار كوران وليد

في تتبعٍ هادئ وموضوعي لبعضٍ من المظاهر والسلوكيات المستجدة في عصرنا الحالي، والتي واكبت الطفرة العلمية من جهة وتحديث لكثير من مظاهر الحياة وأدواتها من جهة أخرى ، والتي عدّت ولزمنٍ لابأس به كطفرة جبرية فرضت حضورها وتغلغلت لتهيمن وبشكلٍ خاص على نمط العلاقات المجتمعية بين الافراد، وبالترافق مع طفرات علمية متتالية تتجدّد وبعولمتها التي رافقت القفزات النوعية نهضوياً ، والمآلات التي تمّت وبالتتالي منذ بدايات عصر النهضة ومعها تفتّق الوعي البشري والذي أخذ ينطلق من قاعدة بيانات منفتحة ، ومنها استدلالاً من كشفٍ إلى انكشاف وهكذا دواليك ، تلك الإنكشافات التي أوصلت ( وكذلك لم تبق قط في إطار الأئتمتة فقط ) ، بقدر ما اخترقت آفاق الوعي البشري ، وتسلّقت جدرانها وشبكة خلاياها حتى تقمّصت ، لابل احتوت على كلّ مظاهرها ، هذه المظاهر والتحولات ، وفي أحايين عديدة ، كما ومجالات عدة أيضاً، فقد سبقت الأتمتة مخيلة الكائن البشري كثيراً في بعضٍ من جوانبها وتمسّكت وبصلابةٍ بأسرار وجودها واستمرارية كمونها ، وإن أفسحت في جانبٍ آخر وبالأخص في وسائل وسبل التعاون والتبادل في شتى مناح الحياة ، وهنا نعي بأننا نقصد وبشكلٍ خاص سبل ووسائل التواصل المجتمعي ، والتي باتت لا المعلومة وكمعرفة فقط بقدر ما الأخبار وكذلك البنى المجتمعية وما يدار فيها وحولها .

هذه الحالات وبمسمياتها المتعددة وكذلك سبل وآليات التعامل واستخدام وسائطها التي تحوّطت تحت مسمى ( التواصل المجتمعي – الإجتماعي ) والتي فرضت من جديد تعددها الآني وتشابكها أيضاً ) ، هذا الأمر الذي أوقع الكثيرين وفي غالبية المجتمعات بمآزق متعددة كما ومختلفة المسارات وأنتجت حالات صعبت على الضحايا – الذين تورطوا – المتقصدين أو ممن دونه سبل النفي من جهة أو التبرير من جهة أخرى ، كحالة سيدة كُردية مقيمة في دولة أوروبية ، وقد ورطتها الظروف بجارة من جنسية ذات البلد ، هذه الجارة التي كانت قد تقاعدت من العمل منذ شهور ، واتخذت لذاتها قاعدة وهو أنها في كلّ صباح تحمل كرات صوفها المختلفة ألوانها وكركبة من النسلات ، وتأتي إلى منزل جارتها الكُردية بشكلٍ يومي ولساعات ومن ثم تنصرف إلى بيتها ، وفي ذات يوم كانت الكُردية قد اتفقت مسبقاً مع صديقة أخرى لها ومن جنسية الجارة بالخروج للتسوق في موعد كان قد حدّد بالنهار التالي ، ولكن الجارة كانت قد سبقتهما حيث حضرت قبل الموعد بساعة وأكثر ، ورغم إسراع المضيفة بتقديم القهوة ومن ثم إسماعها بأنها على موعد للخروج ، بدت الجارة غير مبالية ، وانخرطت كلّ منهن بالموبايل والدردشة ، ولكن : ( الورطة ) في زماننا هذا وبأحايين كثيرة تزحف بالمتورط زحفاً إلى الإنكشاف ..

كانت الجارة منغمسة بكليتها في تصفح مراسلاتها وردودها وسيدتنا الكُردية أيضاً بين توترها من جهة وحاجتها للنزول والتسوق وضغط زميلتها بمراسلتها والتي ما اكتفت بذلك بل اتصلت معها هاتفيًا أيضاً ، والجارة الجالسة ظلّت مسمرة بمكانها صامتة ولا تبالي ، وكعادتنا شعوب الشرق وخاصةً منهم نحن الكُرد ، ظلّت الصديقتان تتراسلان و .. اتصلت الصديقة ثانية مكالمة فلم ترد الجارة وفقط تناولت جهازها ودخلت الواتص وكتبت رسالة جاء فيها ( لا تتصلي فلو استخدمتِ أقوى مكبر للصوت وأسمعتيها فهي ستظلّ جالسة ولن تتحرّك .. لا تنتظريني .. ) وأرسلت الرسالة و .. ثوان كانت .. تأمّلت الجارة الجالسة جهاز هاتفها ، و .. تأمّلت جارتها بعينين حائرتين .. لملمت فستانها كمن تريد النهوض وعادت تتأمّل جهاز هاتفها مرة أخرى والإحمرار بدا كطفحٍ غطّى كامل جسدها و .. هنا ارتابت سيدتنا الكُردية في الأمر فعادت إلى جهاز هاتفها لتقرأ الرسالة فإذ بها قد أرسلتها لجارتها الجالسة أمامها .. و .. هنا وفي عودةٌ سريعة وتأمل هكذا حالات ! ومن ثم الحكم ! أما كان من الأفضل لو أنّ الجارة صاحبة الدار الكُردية تناست ولو لثوان شرقيتها ، وتجرّأت لابل قالت لها بعد الترحيب مباشرة وجلب القهوة بأنها على موعد للخروج ! و .. أمام تكرار الجارة في تواصلها أما كان من الأفضل مجدداً الرد وبلغة الجالسة فتتفهم الأمر ! أم أنّ خاصية تقمص التردد والإرباك ستظلّ ديدننا كشرقيين ؟!

هذه حالة من الحالات البسيطة والمشبعة بإنعكاساتها ، ولكن ! وبالتأكيد هناك أمور أبشع واكبت ظاهرة التقدم المذهل ل – السوشيال ميديا – وصلت ببعضها إلى درجات عالية من الإساءات واستجلبت معها توصيفات ومسميات أيضاً دخيلة من جهة وأدّت إلى كثير من المشاكل وصلت في بعضها إلى سويات وباتت كظاهرة تتعمد الإساءات وبأشكال متعددة ، وفي أحايين كثيرة خلقت مثل هذه الممارسات حالة فوضى متعمدة أوسع استهدفت التشهير من جهة أو التشويش ، والأهم في هكذا حالات هو تطورها وبسبل جديدة مثل ظاهرة استخدام الأسماء المستعارة من جهة وأيضاً بإمكانية ذات الاسم المستعار أن يفتح أكثر من حساب .

وهناك حالات كثيرة رصدها المتابعون وتذكرها كما تتابعها إدارة ذات الوسيلة في تتبع هكذا حالات ، لابل أنّ بعضهم وكانعكاس لحالات التوهان اللحظي فتتداخل الحالة مع الشخص ذاته و- لخبطته – بين حساباته حيث لا يلبث أن ينكشف وبوضوح ، هذه الظاهرة والتي نلمسها وبشكلٍ واسع في الفيسبوك ! وذلك لسهولة الاستخدام من جهة كما وسعة انتشارها ، وكذلك إمكانية فتح أكثر من حساب وبإسماء متعددة ولكن لشخص واحد ، هذا الأمر بحد ذاته هي واحدة من اهم منغصات المنصة من جهة ، وكذلك وفي أحايين كثيرة تعد واحدة من أهم مظاهر الإنفصام الشخصاني ، حيث يؤشكل الشخص ذهنياً شخصية متوهمة بإسم و – بروفايل – و .. يناقش واحدهم الآخر وقد يشارك فيها صديق آخر أو أكثر ، وهناك أمثلة عديدة ، لابل تكاد هذه الظاهرة أن تكون عامة ، وبالتالي تلقي بتبعاتها وفي مشاهد حياتية عديدة ، هذه الظاهرة التي يكاد الغالبية قد لامسها أو عانى منها بشكل أو آخر عداها مظاهر القرصنة والإختراق أو استحداث صفحات مزورة ، وإن كان الوعي المجتمعي قد أخذ يستوعب غالبية حالات الهكر والإختراق ،وشخصياً عانيت من هكذا حالة ونوّهت منذ اللحظات الأولى للمنتحل ، بأنّ الحروف تشي به ، وعلى ما يبدو فإنّ ظاهرة التخفي هذه ، وفي أحايين كما وأمثلة عديدة ، تدفع بالمنغمس إلى مزيد من الإندماج في ظاهرة التقمص والإزدواجية .

لابل ومن خلال الدراسات والتعليقات كما وآراء لعلماء نفس ، ففي حالات كثيرة تبدو الحالة وكأنها قد تقمّصت الممارس وملكته كظاهرة نفسانية واستمرّت فيه ، هذا الأمر الذي قد يثير عند الكثيرين. ، وأنا واحد منهم ،شكوكاً عديدة أهونها اختراق الصفحة، وأصعبها الاستدراج إلى أمور أخرى ، ومهما تحصّن المرء أو تخندق ، لابل وعلى حد قول واحد من علماء النفس : لو تحصّن بجلد القنفذ أو درع السلحفاة ، فإنه وفي هكذا حالة فإنّ البناء على ذلك تركيباً أو حتى لو كان صحيحاً ، فإنّ قابلية الإساءة أو الضرر واردة ، والأمر في واقع الحال لا يخلو كذلك من حالات غباء فظيعة، فيسعى بعضهم وبأساليب ساذجة التسلل وبأسماء مستعارة وبأول مراسلتين ي / تنس لوهلة بأنه – ها يراسل – تراسل كمجهول فينكشف بمعلومة أو بإستخدام الطريقة الاعتيادية ذاتها وكذلك نمط الكلمات أو المصطلحات – وتحديداً أسلوب الكتابة – المتعارف في ذات الحساب ، فينسى ذاته وينكشف .. هذه الظاهرة – يتوقع المتابعون – بأنّ الغالبية من مستخدمي وسائل التواصل قد تعرّضوا لها بشكلٍ أو آخر ، وشخصياً أقرّ بأنني قد تعرّضت لها شخصياً – وأقرّ بكلّ جرأة – بأنه لم يكن لذكائي مطلقاً دور في كشف الشخصية المنتحلة بقدر التخبص من جهة وتناسي تقاطع أمور كثيرة ، وتبدأ حالتي مع شخص / شخصية انتحلت اسم ( شيفين عمر ) والتي قدّمت نفسها متسلحة بمعلومات عامة وصحيحة .. وزعمت بأنها من مدينتي .. تردّدت كثيرا ! ..

ولكني تعمّقت في صفحتها التي بدت حديثة و .. كان هناك صديق مشترك واحد معروف جيداً من قبلي : أي شخصان وقرّرت أن أوافق على أن أكون الثالث و .. لم تمضِ ساعات على قبولي للصداقة وفي سلسلة حوار مكتوب .. أحببت أن اجعلها تدرك بأنني أداريها كطفلة وقد جيء لها بلعبة ، فكتبت لها بالحرف : أعرفك ولاتليق بك مطلقاً ممارسة هكذا تصرفات .. تماهت وحاولت كثيراً المراوغة لابل وكظاهرة الإستعانة بصديق .. و : أمام إصراري وضغطي المعرفي و … لا أنكر استغلالي لجهلها المطلق بظاهرة ( اون لاين ) أو الإتصال – متصل – حيث كانت الصفحة متصلة مع اتصالها بإسمها الحقيقي وتغيب مع غيابها ، وأمام الضغط كان هناك ضغط بسيط مقابل من المنتحل /ة على زر إلغاء الصفحة وبالفعل تمّ ذلك سوى بعض من المراسلات التي لم يسعفها الوقت لإزالتها .. ورغم أنّ الأمور كلها لم ترتقِ لأية إساءة ، إلا أنني وبدافع الفضول راجعت إدارة الفيسبوك للشرق الأوسط ومقرها بدبي والتي زوّدتني مشكورة بكلّ المعلومات وكذلك النصائح الموضحة لحقي في تقديم أية شكوى فيما إن كنت قد تعرّضت لتحايل أو إساءة وسوء تصرف من المنتحل ..

ولكني وبكلّ بساطة أجبت : كلانا عرف الآخر وهذا يكفي .. وهنا دعوني أتساءل ومن خلال هذا الموضوع : أن أسأل السيد / ة شيفين عمر ومن خلال المعطيات التي كشفته / ا بنفسه / ا ! أما توقع / ت إساءات أو مشاكل عديدة ! أو حتى وتحت الضغط المعرفي فأثير الأمر من جهة ؟! أو حتى لو نشرت الأمر وأرفقتها بصورة البروفايل ذاته مرفقة بصورتها كما الشبح و .. أيضاً بعض فقط من رسائلها كشيفين عمر والأهم ساعة تواصلها بإسمها الحقيقي والتشبيحي أيضاً .. غبية هي بكلّ المعايير وموجة العبث الطفولي والتخفي كما هو السائد في وسائط أخرى تمارس سواءً في الإمستغرام أو تيكتوك والمسنجر ..

هذه الوسائط التي يستخدمها كثيرون بعيداً وفي أحايين كثيرة عن أهدافها ، والتي – وأيضاً – في غالب الأحيان تنكشف لذاتها وبذاتها ، فتصبح الوسيلة بدلاً من أن تكون نعمة ولتضحى نقمة ، ونصيحة لكلّ من يتعرّض لهكذا حالات ما عليه سوى التواصل مع إدارة فيسبوك والإجابة على عدة أسئلة ، وستقدّم إدارة الفيسبوك له عدة خيارات وباللغة التي يفضّلها صاحب المشكلة ويختارها وبعدها سيقوم فريق العمل عندهم بالتواصل مباشرة ، وفي معظم الحالات هم يقدّمون الدعم المعلوماتي والمفيد فيما إذا رغب صاحب الحساب المطالبة بها للقيام بإجراءات التقاضي …

المقال منشور في جريدة يكيتي العدد “319

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى